من أهم النقاط التي وردت في خطاب الرئيس الأمريكي رقم ٤٧ ترامب أنه “سوف يجعل الجيش الأمريكي قوياً وسوف يوقف الحرب” وما يعنينا هنا هو وقف الحرب الذي يعتبر اهم وعوده الانتخابية التي أكد عليها في خطاب الفوز صباح اليوم في فلوريدا وأهم الحروب التي تأتي في قمة أولويات ترمب هي :-
** الحرب الروسية الاوكرانية وهنا سوف يضغط الرئيس الجمهوري علي أوكرانيا وحلف النيتو ليستجيبا لمطالب صديقه الدب الروسي بوتن وذلك سوف يكون خصماً علي بعض الأراضي الاوكرانية وان يجعلها دولة محايدة وينهي حلم النيتو في ضمها للحلف . ووقف الحرب سوف يكون إيحابياً علي الشعب الاوروبي في مجال الغاز والتجارة البينية وتأتي المانيا وفرنسا في المرتبة الاولي منفعةً وربما شهد عودة (استريم ٢) الخط الناقل للغاز لألمانيا…
ولا يستبعد أن يغازل رئيس كوريا الشمالية رغبة في عزل الصين التي يعتبرها الخطر الحقيقي علي الولايات المتحدة الأمريكية و التي كانت أكثر المستفيدين إقتصادياً من الحرب الروسية الأوكرانية وهذا ما لم يضع له بايدن اي حساب مما إنعكس سلباً علي موقف نائبته هاريس من ضمن عوامل أخري قادت لتفوق المرشح الجمهوري .
** حرب غزة ..من المعروف أن السياسة الامريكية تجاه فلسطين والشرق الأوسط واحدة لكن يختلف الحزبان في طريقة تحقيقها حيث ينتهج الحزب الديمقراطي سياسة النفس الطويل عكس الجمهورين الذين ينتهجون السياسة العنيفة سياسة الترهيب التي تكاد تخلو من الترغيب..والمعروف أن ترامب له سياسة واضحة وعنيفة تجاه الإسلام السياسي الذي تمثله إيران الداعم الأساسي لحركة حماس التي تقود الحرب ضد حليف الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط لا سيما إسرائيل..ومن الملاحظات المهمة عندما التقي ترامب ب نتياهو قبل الإنتخابات كان يؤمن بضرب المنشآت النووية الإيرانية والتي يعتبرها ترامب هي المهدد الأساسي لدولة اسرائيل..و الآن سوف يزيد الضغط علي دولة الاسلام السياسي ولا نستبعد أن يتم وقف الحرب علي غزة بعد أن يضمن لإسرائيل أمنها الاستراتيجي …والمعروف أنه قد تم إغتيال معظم قيادات الصف الأول في المنطقة من حركتي حماس وحزب الله علي رأسهم رئيس الحزب حسن نصرالله ورئيسي حماس إسماعيل هنية الذي أغتيل داخل إيران وخليفته يحي السنوار الذي استشهد في خط المواجهة في غزة …وهذه خسارة كبيرة لتيار الإسلام السياسي في الشرق الأوسط..الذي كانت تلعب دولة قطر الوسيط الأساسي في فك الاشتباك بينهم في عهد حكومات الحزب الديمقراطي لكن مع ترامب سوف يقل دور قطر كثيراً كوسيط في حل مشكلة فلسطين لأن ترامب في ولايته الاولي إتهم قطر بأنها تدعم الايدلوجيات المتشددة وطالبها بالكف عن ذلك ونلاحظ أيضاً أنه غض الطرف عن حصار بعض،دول الخليج لقطر إبان ولايته الاولي ..وربما عودة علاقات دول الخليج الي طبيعتها قد تساهم في تخفيض حدة التوتر بين دولة ترامب وقطر.. وينفض الغبار العالق بدولة الرئيس محمود عباس ليكون هو الرئيس الوحيد الممثل للشعب الفلسطيني
…وهنا يجب أن نذكر أن لترامب فترة حكم أربعة سنوات غير قابلة للزيادة حسب القانون الأمريكي سوف يجد فيها ترامب حرية كافية لتطبيق سياساته بعد أن ضمن الحزب الجمهوري مجلسي النواب زايد المحكمة العليا ..بأغلبية مريحة تمكنه تمرير سياساته وتنفيذها…
***حرب السودان وهو ما يعنينا من هذا التحليل واتوقع أن يكون له تأثير إيجابي لوقف حرب السودان العبثية التي يقودها ويشرف عليها تيار الإسلام السياسي الذي تدعمه دولة الملالي في إيران. خصيم ترامب الأول في المنطقة والتي تريد أن تضع لها موطئ قدم علي ساحل البحر الأحمر مستغلة حالة الضعف التي إعترت القوات المسلحة السودانية التي سيطر عليها الاسلام السياسي وكتائبه الجهادية ..لكن سوف لن يكون التعامل مباشر مع السودان لإنهاء هذا الحرب وإنما عن طريق أصدقائه الأقرب في الشرق الأوسط هما السعودية والإمارات التي تعتبرها حكومة الأمر الواقع في بورتسودان خصيماً لها وذلك ليس بسبب إتهامها بدعم الدعم السريع وإنما تشددها تجاه محاربة الإسلام السياسي في الشرق الأوسط وصداقة ترامب مع السعودية والإمارات في فترته الاولي جعلته أيضاً صديق لصديقهم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وذكاء السيسي وسياسته الثابته تجاه مصلحة مصر أولاً سوف يكون لها أثر إيجابي في الضغط علي حكومة قائد جيش الإسلام السياسي عبدالفتاح البرهان لأن يضع الف حساب لسياسة الولايات المتحدة الجديدة تجاه المنطقة وإذا لم ينحني لهذه العاصفة وأنصاع لتشدد كتائب البراء الجهادية وياسر العطا سوف نشهد عقوبات صارمة تجاه حكومته الغير شرعية…
ونجد أن في ٢٠٢٠ نهاية ولاية ترامب تم رفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بفضل ثورة ديسمبر ورئيس وزرائها دكتور عبدالله حمدوك الذي سوف يتعامل معه ترمب كرئيس وزراء شرعي معترف به اذا جد تنظيم تقدم في إنتزاع الشرعية من قائد الجيش ومنازعته في مقعد السودان في الأمم المتحدة و لن تجد (تقدم) معاناة في تفهم الادارة الجديدة لهذا المنطق المستحق الشرعي ……
أيضاً برجوع العلاقة الامريكية الروسية سوف لن يجد أي مشروع قرار لصالح وقف الحرب في السودان او لصالح الضحايا اي صعوبة في تمريرة ولن تستخدم روسيا حق الفيتو لأن وقف حرب روسيا/أوكرانيا لن يكون من غير تفاهمات علي الشرق الأوسط وتمدد روسيا في أفريقيا وساحل البحر الأحمر والصين بطبعها غير ميالة لاستخدام الفيتو للحفاظ علي سياساتها التجارية مع امريكا ..
كل الدلائل تشير الي أن فوز دونالد ترامب لن يكون في صالح حكومة المؤتمر الوطني التي تحكم بورتسودان عبر جنرالاتها في جيش الحركة الاسلامية في السودان..اذا لم يقرأوا المشهد بطريقة صحيحة..
ولاحظت اليوم تغريدة قائد جيش،الحركة الاسلامية البرهان التي هنأ فيها ترامب بالفوز والتي لم يتطرق فيها للتعاون في وقف الحرب وإحلال السلام في السودان وإنما كانت تغريدة أشبه بالدعوة للإنحناءة وترك الحبل علي قارب ديكتاورية المؤتمر الوطني مقابل بيع كل حلفائه في المنطقة بما فيها إيران وروسيا كما فعل سلفه البشير من قبل …وهنا نجده قد سقط في أول إمتحانات ترامب…
عكس قائد قوات الدعم السريع الذي هنأ ترامب بفوزه وأظهر استعداده للتعاون من أجل إحلال السلام في السودان واستعدادة للتعاون مع مبادرات السلام ..وهنا أظهر قائد الدعم السريع أنه ما زال يرغب في السلام ووقف الحرب اذا وجد شريك جاد وهذه النقطة فاتت علي البرهان في تغريدته بفوز ترمب.. حتي تغريدة مني اركو مناوي ذهبت في نفس إتجاه حليفه البرهان ولم تتحدث عن التعاون في إحلال السلام في السودان..
أما تغريدة حمدوك أظهرت أيضا أنه رجل دولة ورجل سلام يسعي للتعاون مع حكومة ترمب التي تعاونت معه من قبل ورفعت اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ولن يكون غريبا عليه أي تعاون جديد من أجل إيقاف الحرب الذي هو هدف رئيسي من أهداف تقدم التي علي قيادتها رئيس وزراء الثورة دكتور عبدالله حمدوك ..
علي اللاعبيين في ميادين السياسة السودانية التي تريد التعامل الجاد مع الإدارة الامريكية الجديدة هو واقعية الخطاب ومخاطبة القضايا ومصالح أمريكا بصورة مباشرة لا تقبل التأويل لأن ترمب تهمه مصلحة أمريكا اولاً فلن يهتم اذا لم يجد مصلحة أمريكا حاضرة.عكس الديمقراطيون الذين أثبتت التجارب أنهم يصعب التكهن بما يريدون وتجاربهم ماثلة..لا تحتاج الي إجتهاد وأيضاً أظهروا تساهل كبير مع الإسلام السياسي الذي تضرر منه السودان كثيراً والحرب التي تدور الان هي نتيجة مباشرة لسياسة دولته العميقة ..ونماذج أخري مثل اليمن وليبيا وسوريا والعراق وحتي غزة تضررت من الإسلام السياسي المدعوم من دولته في إيران…
أمنياتنا أن يصدق رئيس العالم في وعده بوقف الحروب ومنها الحبيب السودان …
مع تقديري
أدم حسبو
٧ نوفمبر ٢٠٢٤