تعود تدريجيا العلاقة بين السودان والمجتمع الدولي الي حالة القطيعة التي كانت عليها خلال الثلاثين عاما المنصرمة وفيما بدأت العديد من العواصم الغربية تضيق بالتصرفات الرعناء التي تنخرط فيها حكومة الأمر الواقع في الخرطوم، وتكتم غيظها ذاك في سبيل تفادي وضع السودان على قائمة الدول المارقة وتجنبا أن يكون المواطن السوداني ضحية مرة أخرى لتنظيم الاخوان المسلمين بدأ أن العلاقة مع الأمم المتحدة تتدهور بشكل متسارع.
الجمعة الماضية وجه الأمين العام للأمم المتحدة اللطمة الثانية لوزارة الخارجية السودانية التي يديرها التنظيم الإخواني فعقب أن رفض غوتيرش طلب الحكومة السودانية بابعاد مبعوثه السابق فولكر بيرتس بل ذهب الي أبعد من ذلك مؤكدا ثقته فيه وابقاه على راس بعثة يونتامس الي أن استقال الرجل هاهو الان يتجاهل طلبا آخر للخارجية بإنهاء وجود بعثة يونتامس بل أعلن في اليوم الثاني لاستلامه رسالة وزير الخارجية علي الصادق التي يطلب فيها إنهاء مهام البعثة وإلغاء اتفاقية المقر معها أعلن عن تعيين الدبلوماسي الجزائري رمطان لعمامرة مبعوثا شخصيا له غير مقيم في السودان.
غير أن تعيين لعمامرة في هذا الموقع يثير عددا من علامات الاستفهام فالرجل الذي سبق أن تولى وزارة الخارجية الجزائرية لمن لايعرفونه هو سياسي جزائري، ولد في ولاية بجاية في عام 1952، تخرج من المدرسة العليا للإدارة، اشتغل سابقا في منصب الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية، وكذلك كمبعوث للأمم المتحدة إلى ليبيريا بين عامي 2003 و2007، وفي المجال الدبلوماسي اشتغل كسفير الجزائر لدى الأمم المتحدة في الفترة بين 1993 و1996، وانخرط في العديد من الوساطات لحل عدد من النزاعات في القارة الأفريقية، حتى تم تعيينه وزير الشؤون الخارجية في 11 سبتمبر 2013.
ويعد لعمامرة المعروف بقربه من الأجهزة الاستخباراتية في عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة من القيادات الجزائرية التي برزت عقب العشرية السوداء غير انها لا تحمل موقفا حادا تجاه تنظيم الاخوان المسلمين ووقف ضد اي محاولة لإعلان تنظيم الاخوان منظمة إرهابية في الجزائر بل تتحدث بعض الاوساط المغاربية عن ارتباطه بعلاقات وثيقة مع طهران والدوحة وهو ما دفع الولايات المتحدة الأمريكية الى رفض ترشيحه كمبعوث للأمم المتحدة في ليبيا، ومعلوم ان الصراع السوداني محوره ذات التنظيم الذي اختطف الدولة السودانية لثلاثين عاما لم تكن علاقة الجزائر والخرطوم فيها جيدة ولكنها لم تشهد توترا كذلك.
ولايخفى أن علاقاته بالرياض وابوظبي المنخرطتان في الشأن السوداني بشكل واسع ليست على ثقة كافية فيه، تعينه على السير في رمال التقاطعات التي تنتظره فإبان توليه لمنصب وزير خارجية الجزائر شهدت علاقة بلده والعاصمتان العربيتان توترا برز الى العلن عدة مرات.
كل ذلك لن يسهل مهمة الرجل الذي وجد تعيينه ارتياحا مشوبا بالقلق لدى فلول نظام الاخوان في السودان.
وبحسب العديد من الدبلوماسيين الذين تحدثت معهم حول الدوافع التي جعلت غوتيرش يختار لعمامرة لهذه المهمة أن المنظمة الدولية ربما هدفت من وراء ذلك الى تجسير علاقتها مع المؤسسة العسكرية التي يسيطر عليها الاسلاميين بشكل واضح، مشيرين الى ان الدبلوماسي الجزائري يتمتع بعلاقات واسعة داخل الاتحاد الأفريقي وهو الأمر الذي يجعل الحديث عن ضرورة ان يكون حل الازمة السودانية داخل القارة الأفريقية أكثر واقعية.
يصبح التحدي أمامه هو طرح خارطة طريق واضحة لمهمته، والعمل مع الجهات الفاعلة في السودان دونما محاولة منه الى تغيير كبير في موقف المنظمة الدولية الداعم لتطلعات الشعب السوداني.