كشف تقرير للأمم المتحدة، عن استمرار عملية تهريب الذهب منذ اندلاع الحرب بالسودان، مشيرًا إلى أن الذهب الذي كان يُصدر للإمارات سابقًا، أصبح يهرب إلى مصر في الوقت الحالي.
وأكد التقرير على وجود شبكات مالية، معقدة أسستها قوات الدعم السريع قبل وأثناء الحرب، مكنتها من الحصول على الأسلحة، ودفع الرواتب، وتمويل الحملات الإعلامية، والضغط، وشراء دعم الجماعات السياسية والمسلحة الأخرى، وفق التقرير.
وقال مراقبو الأمم المتحدة في التقرير، إن قوات الدعم السريع استخدمت عائدات من أعمالها في مجال الذهب قبل الحرب، لإنشاء شبكة تضم ما يصل إلى (50) شركة في العديد من الصناعات.
أوضح رئيس شعبة الصاغة بولاية البحر الأحمر لـ “الترا سودان”: أن “التهريب كان يتم لدول مصر والإمارات قبل إلغاء استمارة الصادر، فيما تمتلك حكومة السودان وفرنسا أكبر شركات الإنتاج”.
وفي التفاصيل، يقول رئيس شعبة الصاغة في ولاية البحر الأحمر، محمد علي حسين السواكني، إن الحرب انعكست على أسعار الذهب بالسودان، نسبة للخوف من التضخم الفادح، وأصبح المواطن يلجأ لشراء الذهب والعملة من السوق الموازي التي يرتفع فيها سعر العملة والذهب .
واستبعد السواكني في حديثه لـ”الترا سودان”، وجود أسعار موحدة للذهب بالسوق الموازي، مضيفًا أن كل من يريد أن ينقل رأس المال خارج السودان يشتري الذهب، ومن يمتلك الذهب يشتري عملة، وأن عملية التسليم تتم خارج السودان.
وحذر من أنه في حال طال أمد الحرب، سينعدم وجود الذهب في البلاد، مطالبًا الجهات المختصة بتشديد الرقابة وضبط عملية تصدير الذهب عبر الأفراد.
وأشار رئيس شعبة الصاغة في ولاية البحر الأحمر، إلى وجود حركة تداول للذهب في السوق، بصورة مذهلة للغاية، إلى جانب وجود عملية تهريب بصورة كبيرة.
وأفاد بأن التهريب كان يتم لدول مصر والإمارات قبل إلغاء استمارة الصادر التي ساعدت في تقليل من عملية التهريب.
وبشأن الشركات التي تصدر الذهب، يوضح السواكني بأن أكبر شركات تصدير الذهب تمتلكها حكومة السودان وفرنسا، أما الدعم السريع فيمتلك جبل عامر وشركة الجنيد، مشيرًا إلى أن جهاز المخابرات السوداني يمتلك شركة السبيكة الذهبية.
وقال الخبير الاقتصادي هيثم فتحي، إن صادرات الذهب تأثرت، لأنها تتم عبر الطيران الذي توقف بالخرطوم بسبب الحرب وتحجيم عدد السفريات بمطار وميناء بورتسودان.
وأضاف أن الاقتصاد السوداني تأثر بصورة كبيرة جراء الحرب ويقع التأثير الأكبر على المواطن السوداني، من حيث انقطاع سلاسل الإمداد الداخلية، التي تتمثل في خدمات الكهرباء والطاقة والغذاء والصحة، بالإضافة إلى زيادة البطالة وسط السودانيين.
خبير اقتصادي لـ” الترا سودان”: الاقتصاد السوداني فشل في الاستفادة من تصدير الذهب وهناك أكثر من 90% يجري تصديره خارج القنوات الرسمية
وأشار فتحي في حديثه لـ” الترا سودان”، إلى أن الاقتصاد السوداني فشل في الاستفادة من تصدير الذهب لجهة أن أكثر نحو 90% من ذهب السودان، يجري تصديره خارج القنوات الرسمية، لافتًا إلى تناقص عملية إنتاج الذهب بعد ثورة 2019، إلى جانب تراجع قدرة الدولة على الإحاطة بالإنتاج، وضعف مؤسسات الرقابة، بالإضافة إلى توسع سيطرة الشركات الرمادية علي أنشطة تعدين الذهب وتصديره .
وبحسب الخبير الاقتصادي هيثم فتحي، فإن هناك توسع بصورة ملحوظة في الأنشطة غير القانونية في مجال إنتاج الذهب بصورة كبيرة، وفي إغلاق العديد من الشركات، مؤكدًا أن وزارة المالية شددت على إجراءات تصدير الذهب باشتراط تسليم حصائل الصادر، قبل بدأ عمليات التصدير مما خلق مصاعب كبيرة للمصدرين الذين يستخدمون الطرق القانونية، والذين تأثرت عملياتهم بشكلٍ كبير في الحصول على الذهب، ونقله جراء الحرب، مما انعكس على زيادة عمليات التهريب، خصوصًا عبر الحدود المترامية، طبقًا لفتحي.
وأوضح فتحي، أن الوزارة سمحت لشركات مخلفات التعدين ببيع إنتاجها محليًا، بعد خصم نصيب الدولة الذي يبلغ 33% من جملة إنتاج هذه الشركات و18% لشركات الإنتاج، وذلك بسبب الصعوبات التي تواجه عمليات التصدير، وفي محاولة لتخفيف هذه الصعوبات، مع تراجع قدرة بنك السودان المركزي على شراء الذهب، والإبقاء على شرط تصفيته عبر الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس.
في السياق، كشف الأمين السابق لاتحاد الغرف التجارية، هيثم تبيدي، عن توقف جميع شركات صادر الذهب عن العمل، بجانب انعدام تداول الذهب بالسودان وضعف عملية إنتاجه.
وقال تبيدي في حديثه لـ”الترا سودان”، إن أبرز الصعوبات التي تواجههم تتمثل في بطء الإجراءات الحكومية وزيادة الرسم الإضافي. لافتًا إلى وجود عمليات تهريب للذهب عبر الأسواق الطرفية التي يقع معظمها في المناطق الحدودية. وعزا تبيدي ذلك إلى انعدام الأمن وبُعد مدينة بورتسودان عن مدن الإنتاج.
وأشار إلى أن أكبر شركات الإنتاج يمتلكها تجار، فيما يمثل نسبة التعدين الأهلي (90%) من شركات الذهب، مؤكدًا على عدم وجود جهة تسيطر على إنتاج الذهب بالسودان.
ويقول إن الحرب أثرت بصورة سلبية على أسعار الذهب بالسودان، ودمرت جميع الأسواق المركزية، الأمر الذي أدى إلى خروج السودان من سباق الدول المصدرة للذهب بعدما كان في الواجهة، طبقًا لـ “تبيدي”. وأضاف: “ليس هناك جهة تسيطر على الذهب”.
من جانبه، أشار الخبير الاقتصادي محمد الناير، إلى أن أسعار الذهب مرتبطة بالسعر العالمي، ولكن في السودان هناك مؤشرات داخلية تؤثر على سعر الذهب داخليًا، مثل سعر صرف العملة الوطنية.
وأوضح: العلاقة بين الذهب والدولار والنفط عالميًا علاقة عكسية، إذا انخفضت قيمة الدولار عالميًا ترتفع أسعار النفط والذهب، أما على المستوى الداخلي ففي حال تدهور سعر الصرف فالمواطن يلجأ إلى الذهب والدولار كمخزن للقيمة، باعتبار أن قيمة العملية الوطنية فقدت جزءًا كبيرًا منها، الأمر الذي يجعل الإنسان يتجه نحو الذهب، وبالتالي ترتفع أسعاره نسبة للإقبال عليها.
الخبير الاقتصادي محمد الناير لـ “الترا سودان”: عملية التهريب كانت تتم عبر مطار الخرطوم الدولي
ويقول الناير، في حديثه لـ”الترا سودان”، إن ظروف الحرب لديها تأثير على قيمة العملة الوطنية، والذهب وانعكست بصورة كبيرة في سعر الصرف من (500) جنيه سوداني مقابل الدولار، إلى أكثر من ألف جنيه سوداني، وذلك يصنف باعتباره كتراجع كبير في مؤشر العملة الوطنية، مطالبًا بنك السودان المركزي بوضع سياسات لمنع المزيد من التدهور وإعادة توازن الاقتصاد السوداني.
وعن تهريب الذهب، يشير الناير إلى أن عملية التهريب موجودة من قبل الحرب، وكانت تتم عبر مطار الخرطوم الدولي، وفي السابق ضبطت عدة عمليات تهريب في المطار، مضيفًا أن الدولة كانت تسعى للحد من هذا النشاط، متوقعًا استمرار عملية التهريب في ظل الحرب، مشددًا على ضرورة الحرص على الحد من عملية التهريب ومتابعة مواقع عملية إنتاج الذهب ورصد معدلات الإنتاج.