ضوالبيت يوسف
مكث الشهيد الدكتور خليل إبراهيم محمد في ليبيا في الفندق الكبير منذ وصوله من منفياً من إنجامينا إلي حين ثورة الربيع العربي والتي لم تسلم ليبيا من تلك الثورة التي أطاحت بأعظم زعيم أفريقي وهو معمر الغذافي الذي من أفكاره تكوين الولايات المتحدة الأفريقية وتوحيد العملة الأفريقية وقد وضع بصماته في القارة السمراء بإنشاء المؤسسات الخدمية والمجتمعية..مكث خليلاً هناك حتى إندلاع الحرب في ليبيا مما حدى بحركة العدل والمساواة السودانية بتحريك متحرك أُطلِقَ عليه بمتحرك وثبة الصحراء لإجلاء قائدهم من هناك وبالفعل وصل المتحرك إلي داخل الأراضي الليبية وخاض معارك عنيفة في سبيل الوصول إلى زعيمهم في طرابلس وتمكنوا من إجلائه إلي أن وصل إلي مقر قوات الحركة في منطقة وادي هور بولاية شمال دارفور.
أما منبر الدوحة فقد واصل أعماله واستقطبت له أعداد كبيرة من المنشقين من حركات الكفاح المسلح وجاءت الحكومة بالموظف الأممي دكتور التجاني سيسي ليكون بديلاً للدكتور خليل من أجل مواصلة التفاوض وإستقطبت الأمين العام السابق لحركة العدل والمساواة السودانية والذي إنشق من الحركة بحر أبو قردة ومعه القيادي بالحركة تاج الدين بشير نيام ومجموعات أخرى من حركة التحرير
ترأس هذه المجموعات الدكتور التجاني سيسي وأطلقت على نفسها مسمى( حركة التحرير والعدالة )ووقعت إتفاق مع حكومة الخرطوم عرفت بوثيقة الدوحة لسلام دارفور وهي للحقيقة أسوأ من إتفاقية أبوجا. التجاني سيسي هو موظف بالأمم المتحدة ترك وظيفته هناك وبوعد تضليلي من دهاقنة المركز جاء ليصبح رئيساً للسلطة الإقليمية لدارفور حسب وثيقة الدوحة تلك الوظيفة الصورية كما عرفها البعض أنها( حبال بلا بقر ) إلي حين إنتهاء أجل الإتفاقية لم تحدد صلاحيات وسلطات رئيس السلطة والعلاقات الرأسية والافقية مع ولاة الولايات الذين قد تم تعيينهم من رئيس الجمهورية الذي عين رئيس السلطة نفسه..
إجتهد القطريين في ضخ مبالغ مالية ضخمة لصندوق إعمار دارفور ولكن حكومة المركز تلاعبت بهذه الأموال ولم تفي بالغرض ولذلك فشلت الدوحة كما فشلت أبوجا من قبل. لم يشهد إقليم دارفور أي إستقرار أمني أو سياسي مقارنةً بالإقليم الجنوبي إبان إتفاقية أديس أبابا عام ١٩٧٢ بين حركة أنانيا ون بقيادة جوزيف لاقو ونظام الرئيس جعفر نميري آنذاك فقد شهِد الإقليم الجنوبي نوعاً من الإستقرار الأمني والسياسي الذي أفضي لتشكيل حكومة الإقليم وتمت عملية الترتيبات الأمنية وبعض متطلبات الإتفاقية. أما في دارفور فقد توسعت رقعة الحرب في دارفور وإشتد أوارها كانت إتفاقيتي أبوجا والدوحة عبارة عن توظيف فقط ليس إلا فلم تخاطب هذه الإتفاقيات جذور الأزمة السودانية المتمثلة في أزمة الهوية والحكم. وبالتالي لم تشهد أي عمليات للتنمية وتقديم الخدمات بل فشلت حتى في العودة الطوعية للنازحين ولم تعر حكومة الخرطوم إهتماماً للبند الخاص بعمليات الترتيبات الأمنية المتمثلة في الدمج والتسريح..
وقعت الحكومة في الخرطوم بعد ذلك عدة إتفاقيات مماثلة مع أعداد لا حصر لها مع المنشقين من قوى الكفاح المسلح في دارفور ولكن كلها عبارة عن إتفاقيات للترضيات والوعود الكاذبة ولإضعاف الحركات. وكانت أكبر مجموعة وقعت مع الحكومة على إتفاقية الدوحة هي مجموعة منشقة من حركة العدل والمساواة السودانية بقيادة محمد بشر وبخيت دبجو ونأتي للحديث عنهما بإعتباري شاهد عيان على ما حدث..
لم تحقق هذه الإتفاقيات الجزئية المكاسب التي توقعها إنسان إقليم من إعطاء الإقليم الأولوية فيما يتعلق بإعادة تنمية وإعمار ما دمرته الحرب وذلك لجعل البيئة مواتية للمواطنين للعودة الطوعية لقراهم.
لم تناقش كل تلك الإتفاقيات الجزئية موضوع إعادة هيكلة مؤسسات الدولة الخدمية والمؤسسات الإقتصادية والأمنية كمدخل أساسي لبناء دولة يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات. وبالتالي لم يتحقق الهدف المحوري الذي دفع أبناء الهامش وإقليم دارفور على وجه الخصوص لحمل السلاح من أجل تغيير نظام الحكم في المركز. بل الناظر للأمر يدرك أن كثير من أبناء المناطق المهمشة الذين حملوا السلاح لم تكن لديهم أهداف إستراتيجية لإعادة بناء الدولة السودانية بل آثروا الوظائف والإمتيازات الشخصية بدلاً عن المصلحة العامة لشعوبهم وهو ما تبرهن الآن بعد توقيع إتفاقية جوبا لسلام السودان ونشوب هذه الحرب المدمرة حيث ظهر الوجه الحقيقي القبيح لمجموعات كبيرة من قوى الكفاح المسلح ظن الناس أنها قاتلت النظام البائد من أجل التغيير الجذري للحكم وإسترداد الحقوق المسلوبة وبالتالي إعادة بناء الدولة السودانية على أسس العدالة والمساواة..تحولت هذه المجموعات وهي حركة جيش تحرير السودان بقيادة مناوي ومجموعة يقودها المدعو جبريل إبراهيم تخلت عن أهداها بصورة مخزية وقميئة وتحولت إلي حليف لنظام المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية هذا النظام الذي أشعل الحرب في دارفور وبقية أقاليم السودان وعمل عبر المليشيات التي أنشأها لذات الغرض على التهجير القسري للسكان من مناطقهم الأصلية وإرتكب جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وتعمد القتل على أساس العرق واللون واللغة والتعذيب وعمليات الإغتصاب الجماعي وهنا نذكر جريمة الإغتصاب التي تمت في منطقة تابت والتي تم فيها إغتصاب أكثر من مائتين فتاة في ليلة واحدة وهي جريمة موثقة. هذا النظام البائد الذي أشعل الحرب في دارفور بقصد الذل والإفقار لشعوب الإقليم وبالتالي فقدانهم لأراضيهم وممتلكاتهم وإدخالهم معسكرات الذل والإهانة فتحولن مدن دارفور الكبيرة إلي مناطق محاطة بمعسكرات النازحين من أجل خضوعهم لسياسات المركز المتمثلة في الإستعلاء العرقي والثقافي والديني .
وهنا نذكر جزء من المعسكرات الكبيرة التي نشأت بفعل النظام الحاكم في الخرطوم ففي الفاشر يوجد معسكر زمزم ومعسكر أبو شوك وفي نيالا يوجد معسكر كلمة ومعسكر السلام ومعسكر الحميدية في الجنينة ومعسكرات عطاش.. هذا النظام البائد بكل هذه الأفعال الشنيعة والجرائم التي تحققت منها المحكمة الجنائية الدولية وأصدرت أوامر قبض في حق منسوبيه فقد أشعل الحرب مرة أخرى في الخرطوم عندما ركله الشعب السوداني في ثورة ديسمبر المجيدة وعندما وجدوا أنفسهم في السجون وآخرين مطلوب تسليمهم للمحكمة الجنائية الدولية وفقاً لإتفاقية جوبا لسلام السودان أشعلوا هذه الحرب المدمرة في السودان بغرض محو آثار الثورة وعرقلة مسار التحول المدني الديمقراطي وكيفية عودتهم للسلطة مرة أخرى عبر منسوبيهم في القوات النظامية. نظام بكل هذا القبح هادنته بعض الحركات والمجموعات التي كانت تدعي النضال وتحولت بين ليلة وضحاها إلي حركات مرتزقة بأسم حرب الكرامة الفرية التي صدقها قادة حركات الإرتزاق وإرتموا في أحضان المؤتمر الوطني ولعقوا بوت الجلاد الذي جعلهم يحاربوا بالوكالة عنهم في الحرب التي هددت مكاسبهم وإمتيازاتهم التاريخية فتحولت هذه الحركات المسلحة والمجموعات التي كان ينعتها النظام لوقت قريب بالمرتزقة والمأجورين تحولوا إلي وطنيين فقط من أجل السلطة والثروة وتناسو مشروعهم الذي في سبيله إستشهد الآلاف من الأبطال المخلصين الذين دافعوا عن الحق والحرية والكرامة الإنسانية لشعوبهم.. تحولت هذه المجموعات المسلحة والحركات إلي دمية في يد الجلاد عناصر النظام البائد بعد أن قبض قادة هذه المجموعات والحركات الثمن فأغدق عليهم قادة الفلول بالأموال والوعود الكاذبة فتخلوا عن أهدافهم النبيلة وتركوا أهلهم في معسكرات النازحين واللاجئين وأصبحوا يدافعوا عن نفس المركز والنظام الذي دفعهم لحمل السلاح.
وعليه فإن الملايين من المشردين والمهجرين والنازحين واللاجئين الذين كانوا ينتظرون من قوى الكفاح المسلح أن تأتي لهم بالخلاص من ليل الظلم والقهر والإستبداد والإستعلاء العرقي والثقافي تبددت آمالهم وطموحاتهم بل خابت آمالهم في أبنائهم قادة الحركات الذين ظنوا أنهم يستطيعوا إرجاعهم إلي قراهم وإعادة إعمار مناطقهم ليعيشوا مطمئنين ولكن هيهات. فإن ما كانوا يحلمون به وهم في معسكراتهم تحول إلي سرابٍ بقيعة حوله قادة الحركات المرتزقة إلي مصالحهم الشخصية ومكاسب أسرهم وتحولت الحركات إلي شركات أمنية مثل فاغنر وغيرها تقاتل من أجل المال ليس إلا..
نواصل …
وتظل الأسئلة مطروحة
# ماهي قصة تسمم الشهيد الدكتور خليل إبراهيم محمد في ليبيا
# من الذي كشف عملية التسمم
# ماهي ملابسات إغتيال الشهيد الدكتور خليل إبراهيم محمد
# كيف ورث جبريل أخاه الشهيد خليل في مؤتمر الحركة العام في (حديات)
ضوالبيت يوسف أحمد
٢٥ سبتمبر ٢٠٢٤