حوار : أبوعبيدة برغوث
السيد الدكتور سليمان صندل ما هو تقييمكم لمشاورات جنيف بشأن السودان؟
أعتقد أن تلك المشاورات كان بمقدورها أن تقود إلى إتفاق يؤدي لوقف إطلاق النار ، جنيف كانت تعتبر فرصة كبيرة لأطراف النزاع الجيش والدعم السريع لوقف اطلاق النار ولكن رفض الجيش أضاع هذه الفرصة.
*ولكن جنيف شهدت حشد دولى كبير لماذا رفض الجيش الذهاب ؟
صحيح الناظر لجنيف من حيث الإرادة الدولية ومن حيث الإعداد يتأكد أنه كانت هناك رغبة دولية قوية لوقف الحرب وتمثل الحشد الدولى في مشاركة الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي والوساطة المشتركة الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية ووجود مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة يؤكد الإعداد الجيد ، علاوة على مشاركة وزير الخارجية الأمريكي بلنكين ، وأعتقد عندما أحست قيادة القوات المسلحة بأنه هناك جدية وهناك إرادة دولية بمشاركة المنظمات الدولية الكبرى المعنية بحل النزاعات قرروا عدم الذهاب وهذا لأن القرار النهائي للجيش والمؤتمر الوطنى والفلول أنهم لن يتفاوضوا وأنهم سيستمرون فى الحرب.
*لماذا يصرون على الحرب؟
حسنا سأقول لك ، هل تعلم أن هدف هؤلاء وهم من أشعل الحرب هو أن يخرج الدعم السريع من المشهد السياسى تماما وأيضا القوى السياسية المدنية التى تنادى بالتحول المدنى الديمقراطى وبالتالى إنفراد المؤتمر الوطنى بالسلطة كما كان فى السابق لذلك هم يعتقدون أن جنيف لا تحقق لهم ما يريدونه لذلك عندما شعروا بجدية المجمتع الدولى حاولوا البحث عن ما يعرقل المفاوضات وذلك من خلال محاولة تشكيل وفد وتسميتة الوفد الحكومى برغم أن شكل التفاوض كان وأضحا بين القوات المسلحة والدعم السريع ، ولأن الحكومة غير معترف بيها أصلا وغير شرعية وقد حاولوا أن يبحثوا لها عن شرعية من خلال جنيف لذا المجتمع الدولى إعترف بمجلس السيادة ولكن فى نهاية المطاف لم تعترف الوساطة بحكومة الأمر الواقع ، وظلوا يرفضون التفاوض والحوار ، فى إعتقادى أن هذا الرفض غير مبرر ويعتبر نكسة كبيرة للشعب السودانى الذى يتطلع لإنهاء الحرب ولكن رفض الجيش الذهاب إلى جنيف أكد للسودانيبن أن تلك المجموعة لا ترغب فى التفاوض إلا بتحقيق شروطها كما قال برهان خروج الدعم السريع من العملية السياسية وخرجوهم من السودان ودى كلها طبعا شروط وهمية وغير واقعية ، لا قانونا ولا دستورا ولا بأى معيار موضوعى ، وهو حديث فى الهواء وحديث غير مسؤول.
*ولكن رغم رفضهم واصلت جنيف ؟
نعم واصل الوسطاء المشاورات وإنتهت تلك المشاورات إلى إتفاق جنيف وهو إتفاق فيه نجاحات كبيرة تحققت و منها فتح المسارات لإيصال المساعدات الإنسانية وكذلك تم تشكيل التحالف الدولى لانقاذ حياة السودانين وتحقيق السلام وهو يعتبر تحالف مهم وكبير يعمل الان بإستمرار لانهاء الحرب فى السودان.
*اين السودانيين من إيقاف الحرب ؟
نعم هذا السؤال الذى يطرح نفسة الآن ماهو الحل وكيف نمضى إلى الأمام لنوقف هذه الحرب وهو سؤال يجب أن تجيب علية كل القوى المدنية والسياسية والشركاء الدوليين الذين يعملون على وقف الحرب.
*هل تعتقد أن منبر جنيف وضع معالم الحل ؟
تقييمنا لمنبر جنيف تقييم إيجابى رغم أن القوات المسلحة لم تذهب إليه إلا أن المنبر يؤكد إهتمام المجتمع الدولى والمجمتع الأفريقي بالكارثة التى حدثت فى السودان وهذا الإهتمام يشير بأن هناك عمل سيتم فى إطار وقف الحرب وحتى لا ينسى العالم هذه الكارثة الإنسانية لأن الكارثة فى السودان لم تحظى بالإهتمام الكافي برغم أن وكالات الأمم المتحده العاملة فى مجال الإغاثة قالت أن السودان يعيش أكبر أزمة إنسانية فى العالم لذلك يعتبر منبر جنيف مؤشر ايجابى ومهم.
*بعثة الامم المتحدة لتقصى الحقائق أوصت بقوات دولية لحماية المدنية هل ذلك ممكنآ ؟
نعم بعثة تقصى الحقائق تشكلت من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وليس من مجلس الأمن وحسب تقرير اللجنة أوصت بثلاثة نقاط: أولا أشارت البعثة إلى وجود إنتهاكات واسعة لحقوق الإنسان فى السودان من أطراف النزاع لذلك ترى البعثة ضرورة إرسال قوات دولية لحماية المدنين ، ثانيا أيضا طلبت البعثة توسيع ولاية المحكمة الجنائية الدولية وقد كانت ولايتها فى السابق حسب قرار مجلس الأمن عن الجرائم التى أرتكبت فى دارفور والتوسيع هنا حسب التوصية يجب أن تشمل كل السودان ، والتوصية الثالثة تتعلق بحظر السلاح وأيضا كان حظر السلاح سابقا فى دارفور والآن يشمل كل السودان.
ولكن هناك أسئلة مشروعة يجب علينا أن نجاوب عليها وهى أن قضية التدخل الإنساني بغرض حماية المدنين وهو وفق قانون الأمم المتحدة الذى يمنحها الحق للتدخل للحماية السكان فى العالم ولكن هذا التدخل يمر بمراحل عديدة حتى يصل إلى مرحلة إتخاذ القرار وهى مراحل تحتاج إلى إجراءات عديدة ، وبعد إكمالها ترسل القوات الدولية وأن إرسال هذه القوات لن يتم إلا من خلال البند السابع، صحيح هناك نوعين التدخل هناك التدخل الناعم ويتم عبر المنظمات الدولية ومنظمات الأمم المتحدة ويتم برضا الدولة ، وهناك التدخل العنيف الذى يتم من خلال مجلس الأمن وأنتم تعرفون أن الدول الخمسة دائمة العضوية فى مجلس الأمن لكل منها مصالحه وهناك (فيتو) ممكن أن يستخدم والأمر ليس بالسهل أو الهين ، وحتى لو صدر القرار بإرسال قوات أممية للسودان هذا أيضا يحتاج لإجراءات كثيرة ، وبرغم أنه لا يوجد إعتراف ولا شرعية بحكومة بورتسودان ولكن فى النهاية هناك حالتين للتدخل كما سبق وأشرت ، التدخل بموافقة الدولة كما حدث فى حالة قوات اليونايتد الذى تم بموافقة الحكومة آنذاك ، وإلا سيكون أمام الأمم المتحدة التدخل العنيف كما حدث فى ليبيا عندما أوصت جامعة الدول العربية بالتدخل لحماية المدنيين وهذا يحتاج إلى قرار وإرادة دولية ، ونتمنى ألا نصل لهذه المرحلة ، لأن فى نهاية المطاف على قائد القوات المسلحة برهان والفلول أن يكونوا واعين ويذهبوا الى التفاوض.
*أين القوى المدنية من ذلك ؟
الخيار الأفضل للشعب السوداني هو من خلال القوى السياسية التى تعمل على الحل بمساعدة المنظومة الدولية والاتحاد الأفريقي وأعتقد هذا هو الإتجاه السليم والإتجاه الصحيح لإيقاف الحرب والدخول فى حوار سياسى من خلال الحوار السودانى سودانى ولكن إذا حدث التدخل الدولى فهذا يعنى فشل للقوى السياسية والسودان والأن لدينا فرصة أن نقرر فى بلادنا ونحل المشكلة بإيادى سودانية بمساعدة دولية وهو مايتطلب من القوى السياسية أن تشرع بأن تفكر خارج الصندوق ، ونحن فى حركة العدل والمساواة طرحنا ضرورة تشكيل حكومة مدنية وكنا نرى فى تشكيل حكومة مدنية بمشاركة كل القوى التى تؤمن بوقف الحرب ، حكومة يراسها د عبدالله حمدوك تحديدا لأنه هو الرئيس الشرعى وفى إعتقادى بذلك يتثنى للسودانيين نزع الشرعية من مجموعة بورتسودان ، ونحن نتطلع ان المجتمع الدولى و الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي ان تعترف بها وبذلك نكون نزعنا سلاح الشرعية من هذه المجموعة التي تستخدمة لجلب السلاح والطائرات لضرب المواطنين وإذا تمكنا من سحب الشرعية سيكون هذا عامل حاسم وأساسي يجبر الأطراف علي التفاوض ، الآن السلاح الوحيد الذى يجبر المؤتمر الوطنى والفلول والإنتهازين وكل المستفيدين من الحرب أن يعودوا للحوار والتفاوض هو نزع الشرعية منهم رغم أن الناس تتحدث أن هذه الخطوة خطيرة وليس لها قيمة بإعتبارها تشكيل حكومة تابعة للدعم السريع وهذا الكلام غير صحيح والناس يتجاوزون الحقيقة والتاريخ ، الدعم السريع قوة نظامية تشكلت فى فترة الإنقاذ وفى الوثيقة الدستورية هى موجودة ضمن القوات النظامية ولكن إذا حدثت مشكلة أو خلاف سياسي يقوم الناس بتجريدها من وصفها كقوة نظامية ، وفجاة تتحول هذه القوة إلى مليشيا ، ياخ هذا الكلام غير صحيح ، ولكن توجد هناك مجموعات فى المركز نصبت نفسها أنها هى وحدها الوطنية بالتالى تقوم بتوزيع صكوك الوطنية للآخرين هذا متمرد وهذا مليشى وهذا خائن وطبعا هذا غير صحيح لا يوجد أحد لديه الحق أن يصرف صكوك الوطنية على الآخرين ولكن هذه مشكلة السودان الان وكلها فى نهاية المطاف إذا كانت القوات المسلحة او المخابرات كلها مبنية من أموال الشعب السودانى من الخزينه العامة رغم إختلافنا فإننا نعتبر بأن هناك خلل فى هذه الأجهزة لانها لم تعبر عن كل السودانين وهذا هو رأينا وقلنا لابد من إعادة تشكيل المنظومة الأمنية ولكن أن ينظر الناس لما طرحناه بضرورة تشكيل حكومة مدنية بأنها حكومة للدعم السريع هذا غير صيح وغير سليم لأن نظام المؤتمر الوطنى هو الذى شكل هذه القوى ولا يوجد مبرر لهم للتخوف من تشكيل هذه الحكومة لأنها أفضل الوسائل لتجريدهم من الشرعية وإجبارهم بالذهاب للتفاوض.
*لكن هناك تخوف من تشكيلها ؟
أقول لك على الشعب السودانى أن يشكل هذه الحكومة وأن تعمل هى على إيقاف الحرب وحماية المدنين وتوصيل الإغاثة وأيضا تعمل هذه الحكومة على تصميم عملية سياسية لإنهاء الحروب فى السودان بشكل كامل وهذا من خلال حوار سياسى يضم كل السودانين ما عدا المؤتمر الوطنى ومن خلال هذا الحوار نضع أسس للحكم.