تشهد ظاهرة “الرحلات الانتحارية” للاجئين السودانيين تصاعدًا غير مسبوق، مع تزايد محاولات الهجرة إلى أوروبا عبر طرق برية وبحرية بالغة الخطورة، مرورًا بليبيا وعدد من دول الجوار مثل تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا وحتى تركيا وأوروبا الشرقية.
وكشف مالك الديجاوي، مؤسس مبادرة الحد من الهجرة غير النظامية والعودة الطوعية للجاليات السودانية بليبيا، أن الظروف الاقتصادية والسياسية الصعبة دفعت عشرات الآلاف من السودانيين إلى اللجوء لأساليب تهريب مبتكرة، شملت استخدام الطائرات الشراعية والمناطيد، فضلاً عن تعديل القوارب التقليدية عبر تزويدها بمحركات قوية لتحويلها إلى قوارب نفاثة، بهدف اجتياز حواجز خفر السواحل والوصول السريع إلى السواحل الأوروبية.
وأوضح الديجاوي أن التهريب التقليدي أصبح مكلفًا للغاية، حيث تصل كلفة الرحلة الواحدة إلى نحو 150 ألف دولار أمريكي، مما اضطر كثيرين إلى المغامرة بحياتهم عبر وسائل أقل تكلفة لكنها محفوفة بالمخاطر، سواء في الصحارى الواسعة أو الغابات المظلمة أو أعماق البحار الغادرة.
وأشار إلى أن بعض اللاجئين، بسبب تكرار محاولاتهم الفاشلة، تحولوا إلى “متخصصين في التهريب”، مما زاد من تعقيد المشهد الإنساني، وجعل من عمليات الهجرة غير النظامية تهديدًا أمنيًا وديموغرافيًا متناميًا.
بالتزامن، كثفت السلطات الليبية حملات تنظيم أوضاع المهاجرين، مدفوعة بضغط متزايد من النشطاء الليبيين القلقين من تأثيرات الظاهرة على التركيبة السكانية والأمن القومي الليبي.
وأكد الديجاوي أن مبادرته تمكنت من تحقيق إنجازات ملموسة، من خلال دعم العائدين عبر توفير مشاريع إنتاجية ومساعدات إسكانية وأراضٍ سكنية وصناعية، ضمن برامج منظمة تهدف إلى إعادة دمج هؤلاء الشباب في مجتمعاتهم بطريقة كريمة ومستدامة.
وفي ختام حديثه، ناشد الديجاوي السلطات السودانية والليبية تكثيف دعمها لبرامج العودة الطوعية وتنظيم أوضاع اللاجئين، مشيدًا بالدور الكبير الذي لعبته ليبيا عبر استضافتها لنحو مليون لاجئ سوداني، وإتاحة فرص التعليم والعلاج والإقامة لهم، مما ساعد في منحهم فرصة حقيقية لحياة كريمة.
sudanjem.net