هذه الايام التي ماقبل،
قد يصمت بها كل شيء إلاّ
الإلحاح الذي لايقبل التأجيل
كل ماحاول البعض زجره جاءت اصواته مجلجلة تبحث عن طريق يسعى أن يكون الدرب آمنا دون أن تعترضه المتاريس!!
والمبعوث الأمريكي للسودان توم بيرييلو يكشف عن تواصلهم مع الجيش السوداني عبر وسائل الإتصالات المتطورة ويؤكد حرصهم على إستمرار مفاوضات جنيف لوقف إطلاق النار وتوصيل الاغاثة في السودان من خلال (المحادثات الافتراضية )
ولم يكتف بيرييلو بكشف اتصالاتهم مع الجيش بل أكد انها متكررة تتم عدة مرات في اليوم كفريق وكأفراد واردف ( نحن نعيش في عالم حديث حيث يمكننا إيجاد طرق للتشاور كما فعلنا من قبل والمضي إلى الأمام )
واضاف نحن نتواصل ايضا بانتظام مع كل من قوات الدعم السريع والقوات المسلحة وتابع قائلا ( في عالم اليوم الحديث، يمكننا الإستمرار في هذه المفاوضات وسنواصل القيام بكل ما في وسعنا بناءً على أشياء مثل فتح معبر أدرى وكيفية ضمان ترجمة ذلك إلى نتائج فورية وقال لن ندع شيئًا يمنعنا من القيام بما يمكننا لحماية المدنيين في السودان).
ولايذهب الرجل بعيدا عن ما أشرنا اليه عن اول رفض للجيش ان المفاوضات يتم تشييدها على اساس من الرضا والقبول حتى لو، تعالت خطابات الرفض التي تتوافق مع طبيعة الميدان الذي مازالت النيران تشتعل فيه وفي مقاره العامة
لكن ولو أن الفريق البرهان منح الاشارة الخضراء لأمريكا للمضي قدما في مباحثاتها فكل يوم يؤكد ان هذا اقرب من أن يكون الرفض هو الإحتمال الأكبر، فحتى الخطابات العسكرية الرافعة لشعار نعم للحرب اصبح الإصرار عليها وتكرارها، كأنه يحكي عن نفي النفي الذي لايعني سوى الإثبات
وبالأمس قد يحاصر كثير من الناس الشك في حقيقة أين يقف الجيش من جنيف ولكن ليس اليوم فبهذه التصريحات التي ادلى بها بيرييلو كشف ان العلاقة بين الوساطة والقوات المسلحة تجاوزت حدود القبول ودخلت الي براحات التفاهم بنسبة مئوية عالية فكل علاقة اساسها التفاهم لاشك انها تتتسم بالمرونة كما ان تكرار المحادثات عدة مرات في اليوم يكشف عن ( هارموني) يجمع ما بين الاطراف والوساطة لأن ( لا الرفض) تقطع حبال العشم ولاتدعو للرغبة في ( معاودة الإتصال)
ولأن الجيش يرفض بنعم حاول بيرييلو ان يكشف ( آخر ظهور) له في منابر المباحثات الإسفيرية لطالما هو ( أدمن) هذه المنابر الافتراضية والمشرف على المباحثات
وبذلك يكشف سر العلاقة لإسكات ( العوازل) فليس من الضروي ان يخبرنا الجيش بما يريد كتمانه لطالما ان لاسلطة له على بيرييلو الذي يريد وضع العلاقة تحت دائرة الضوء ليتباهى بها أمام الناس فهو لايرضيه ابدا ان تجمعه علاقة متميزه تقوم على التواصل المتكرر في اليوم وفي ذات الوقت يقابلها الطرف الآخر بالنكران!!
وبالأمس تحدثنا ان فتح معبر ( ادري) هو تنفيذ مباشر لمطالب جنيف وهذا ما أكده بيرييلو عندما قال : ( إننا سنواصل القيام بكل ما في وسعنا بناءً على أشياء مثل فتح معبر أدرى وكيفية ضمان ترجمة ذلك إلى نتائج فورية)
وهذه الكلمات اكدت ايضا ان الجيش هناك ليس بحضوره فقط في المياحثات ولكنه (مشارك وملتزم ومنفذ) ففتح الممرات لايعني بداية حوار ولكنه يعني حوار متقدم تجاوز البحث والنقاش ووصل الي مرحلة التنفيذ على الأرض
فما حدث هو خطوة تنفيذية جوهرية مهمة تتقدم بها القوات المسلحة الي الأمام في مباحثات تضع المأساة الانسانية نصب اعينها واهتمامها
ويطرب بيريلو آذان سامعيه ويطمئن الشعب السوداني الذي يساوره الشك والخوف من مفاوضات ربما تعيد الدعم السريع الي الواجهة السياسية ويقول المبعوث إن بلاده لا تدعم اي تقسييم للسودان.
وورقة ثالثة كشغها بيرييلو وتأكيدا على ان الوساطة تركت الملف السياسي على طاولة جدة كما تحدثنا من قبل يقول بيرييلو : ( إن محادثات ايقاف النار ستكون منفصلة عن المحادثات السياسية ودعونا الطرفين العسكريين المتقاتلين بدون إعطاء أي شرعية سياسية حسب قانون جنيف)
لذلك ما أدلى به بيرييلو بالأمس يُعد من أهم التصريحات منذ انطلاق مباحثات جنيف لأنها أكدت فعليا أن المباحثات الجارية تخطو نحو الأمام فإن كانت اكثر احتمالات ضعفها أنها تجري بحضور طرف واحد فحديث المبعوث دحض هذا الإحتمال لأنه اكد انها تجري بحضور طرفين وهذا مما لاشك فيه تقدم.
طيف أخير :
أكثر من 300 حالة وفاة بالكوليرا في السودان أمر يستحق الإنتباه في ظل حكومة تعاني من نقص المناعة في احساسها بالمواطن وتصيبها تخمه في سلب حقوقه والتعدي عليه
وغمضُ العين عن شرّ ضلالٌ *** وغضّ الطرف عن جورٍ غباءُ
نقلاً عن الجريدة