صباح محمد الحسن
المواجهة !!
طيف أول :
ما أطول مسافات الصبر المعطونة بالضجر إن أُتخم بها الوقت تمهلاً
مع كل ألم تجثم على قلب الوطن
وجعله يخفق وجعاً يستبيح المواعيد… ولكن لن يطول الإنتظار!!
ويدفع الرئيس الأمريكي جو بايدن أمام الأمم المتحدة بخيار الإدارة الأمريكية الذي يؤكد ضرورة تجنيب أطراف القتال في السودان خطر تمزيق البلاد حسب المتحدث الرسمي للخارجية الأمريكي أمس، والذي قال إن أمريكا قلقة جدا من القتال في الخرطوم وعلى امتداد السودان بما في ذلك الفاشر
ولم يقدم بايدن هذه المرة نصحه او دعوته لطرفي الصراع ولكنها كانت مواجهة مع اللأمم المتحدة لإستشعار ذلك الخطر
وفي ذات الوقت من المتوقع أن يزور وفدا من مجلس السلم والأمن الإفريقي مدينة بورتسودان غدا الخميس ليواجه عددا من المسؤولين بالدولة ويبحث الأوضاع في السودان
ومعلوم إن ماتتخذه الأمم المتحدة من قرارات في مايتعلق بالدول الإفريقية تقع مسئوولية تنفيذه على مجلس الأمن والسلم الأفريقي ، والذي تتلخص مهامه في تنفيذ قرارات الإتحاد الافريقي او ماشابهها من قرارات لمجلس الأمن الدولي والامم المتحدة وقد تأتي زيارة المجلس الي بورتسودان لمناقشة مايتم تنفيذه من قرارات وليس لبحث سبل وقف الحرب فقط
فالعبارات التي ألقى بها بايدن في بريد الأمم المتحدة ليبلغها عبرها ضرورة وقف خطر التمزيق هي ذاتها التي تدفع مجلس الامن والسلم الافريقي لبحث تلافي هذا الخطر بخطوات تستبق قرارات الأمم المتحدة في إنقاذ السودان من الضياع
والمواجهة الدولية تجاه الأزمة لاتقف على زيارة وفد مجلس الأمن والسلم ولكنها تجعل المبعوث الأمريكي للسودان توم بيريلو ايضا يزور بورتسودان، زيارة كشف عنها
وزير الخارجية حسين عوض الذي قال إن المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو ومديرة الوكالة الأميركية للتنمية سامانثا باور يزوران بورتسودان في هذا الشهر
وامريكا تبعث بمبعوثها ومديرة الوكالة للمرة الثانية لمواجهة البرهان بعد أن رفض مقابلتهما من قبل بحجة انهما طلبا رؤيته في المطار والإصرار على تكرار الزيارة هذه المرة دون شروط لمكان اللقاء يعني أن امريكا تتعمد ايصال ماتريده الي الجنرال ، والذي مارفض سماعه إلا لأنه على علم بتفاصيله ونتائجه
و المبعوث الأميركي إلى السودان بيرييلو يحذر بقوله على الجيش والدعم السريع عدم استخدام التجويع كسلاح في الحرب
فهذه الوفود الزائرة في السودان في العشر الأوائل من اكتوبر تكشف عن ملامح واضحة أن أمريكا تريد حلا عاجلا الأمر الذي يجعلها لاتهدأ ولاتستريح إلا بتحقيقه وتؤكد أنها في سبيل الغاية تبحث عن أكثر من وسيلة
ومن الملاحظ انه وكلما بدٱ المجتمع الدولي في تحركاته سبقته كتائب البراء إحتجاجا على الميدان بإرتكاب افظع الجرائم فقتل المدنيين الأبرياء ومغازلة القتلة للكاميرا كأنهم احرزوا هدفا في شباك برشلونة يعني ان هذه الكتائب تريد أن ترسل رسالة تحدي واضحة للمجتمع الدولي الذي يختم تصريحاته عن وقف الحرب بقوله إنه يركّز جهوده على مسار يقود لحكم مدني ديمقراطي انتقالي في السودان وهذه الحقيقة التي تزعج الفلول وكتائبها المتعطشة للدماء وتجعل ردة فعلهم غاضبة حد التعدي على حقوق الإنسان وإرتكاب أفظع الجرائم
كما ان ظهور الدكتور عبد الله حمدوك تحت الٱضواء
بإعتباره رئيسا للوزراء السابق ورئيس تنسيقية “تقدم” وحديثه لـ”فايننشال تايمز” وهو، يحذر من الحرب الأهلية في السودان وأنها ستجعله “أرضا خصبة” لانتشار “الإرهاب الإقليمي هو لفت نظر الي ماتفعله الكتائب الإرهابية من جرائم والتي برهنته بجريمة الحلفايا ، الجرائم التي يرى حمدوك أن الحكومة تغطي عليها بستار وهمي وهو إتهام تقدم بالتعاون مع الدعم السريع كواحدة من الادوات التي تستخدم ( إشاعة حرب).
وليس ذلك فحسب فظهور عبد الله حمدوك ايضا في هذه الأيام وفي ظل المعارك الميدانية الملتهبة يعني أن الجهود الخارجية لرسم خارطة الطريق السياسي بعد الحرب حرصت على ان يكمل حمدوك مشواره الذي قطعته عليه الدبابة فظهوره يعني قصدا مواجهة حقائق سياسية لإنعاش ذاكرة الشعب التي اثرت عليها الحرب بقيمة وضرورة واهمية الحكم الديمقراطي
والفلول تعلم جيدا هذا المقصد وتعلم ايضا أن الحرب بلا شك هي نهايتهم الحتمية وعزلهم عن المشهد السياسي كما تم عزل قوات الدعم السريع سياسيا فحكومة بورتسودان تدرك جيدا إنها مايحدث هو آخر المحطات!!
حكومة تصدر بيانا تنفي فيه صلتها بضرب مقر السفارة الإمارتية ولا أحد يصدقها وتجد نفسها في مواجهة أربعة دول خليجية تكشف عن تتضامنها مع الإمارات وتدينها دون النظر الي بيان الخارجية فهذه رسائل واضحة لعزل الحكومة إقليما في أيام قادمات ، بجانب عزلتها الدولية وبهذا تتحول كتائبها الي كائن متوحش يعيش وحيدا واللفظ الدولي والإقليمي لها خارج دائرة الدعم والإهتمام هو الذي يجعلها تفكر في الإنتقال الي نهر النيل كعائد من الغربة الي أهله بعد الف خيبة وخيبة.
طيف أخير :
قد يكون ظلام المشهد قاتما للحد الذي يقتل بداخلك الف عشم وأمنية ولكن شمس الصباح قادمة لاشك فكل صباحات الفرج سبقها ليل حالك السواد..لهذا إياك ان تظنها مجرد أمنيات، إنها وعد رباني (إن مع العسر يسرا).