طيف أول :
في حاجة الي وعي يفصل مابين الجهل والجريمة
الوعي وحده الذي يخرج من معارك الفكر سالما يحمل كل المعاني العميقة في جوفه.
ويكشف حديث مني أركو مناوي حاكم أقليم دارفور لقناة الجزيرة عن أهم مراحل الحرب الآن، حيث أكد أنها دخلت ساحة المتاهة ،
فالرجل تناقض مع نفسه تناقضا وصل حد الإيجابية التي تُولد صدفة عندما تسيطر عليك النظرة السوداوية الناجمة عن فكرة الهدم والدمار والقتل الذي لاتراه جريمة ، ولكن في ذات الوقت يستيقظ الضمير عندك ليخبرك أن موت طفل واحد قد يرسلك الي الجحيم عندها تنطق كلمة واحدة لتثبت أمام محدثك أنك إنسان، فحديث مناوي كان فيه مايعكس إيمانه بالسلام ويؤكد عدم قناعته بالحرب التي يخوضها!!
اخرج مافي عقله الباطني ، أنه ابرز المقاتلين واكثر الذين ينشدون السلام في ذات الوقت
وبصفته لاعب أساسي على أرض المعركة، ويشكل أحد اضلاع المثلث القتالي في صفوف الجيش، فإن تصريحاته تأخذ أهميتها من موقعه على الأرض
فقط
فقوات مناوي سيطرت على المشهد في الأيام الاخيرة وقاتلت بضراوة ، ولكن لمعان نجمها وبريقها العسكري ليس لتميزها في فنون القتال ، لكن لأنها وجدت ميدانا عسكريا خافتا وباهتا و”مُهملا” سلمت فيه القوات المسلحة أمرها لكتائب الإسلاميين والمستنفرفين لذلك ظهرت قواته الأكثر تماسكا بصفتها القوات العسكرية الوحيدة ، ولولا ذلك ماكانت لتعلو فوق القوات المسلحة ولكنها علت فوق الكتائب !!
والتناقض الإيجابي يأتي في حديث مناوي الذي عدد الجرائم البشعة التي إرتكبتها قوات الدعم السريع، والتي كانت تستحق إلقاء الضوء عليها بلاشك، إلا أنه في ذات الوقت أكد على ان ليس لديه مانع في الحوار مع حميدتي من أجل السلام دون قيد او شرط ( ليس لدي أي مانع من وضع يدي في يد حميدتي أو غيره للسلام) وهذا دليل وعي (أن كيف لك أن توقف خطرا بالعقل
لتحد من زيادة الضرر) وهذا حديث إن ترجمه مناوي على أرض الواقع فسيصب في مصلحة السلام فالميدان به ثلاث قوات هي القوات المسلحة وكتائب البراء ، وقواته، لكن إن قرر مناوي الإنتقال الي مربع السلام فسيشكل موقفه فرقا كبيرا سيما لو وافق على الحوار فسيغير موقفه في مستقبل الحرب
فالرجل يبدو أن لديه الرغبة في التحرك من موقعه الذي يقف فيه الآن خاصة أنه رحب بالحوار مع تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية ( تقدم) ايضا من أجل ايقاف الحرب ، وقال إن الحوار هو الحلقة المفقودة ، كاشفا عن اجتماع رسمي لهم مع تقدم خلال الايام القادمة باديس ابابا
ومن خلال هذه التصريحات التي احتوت على قرارين مهمين اولهما الجلوس مع حميدتي كطرف مقابل ومقاتل ظل الحوار معه مرفوض سيما بعد تصريحات القيادة العسكرية التي رفضت الجلوس معه وجددته قبل يومين فقط إلا أن مناوي خالفها وأعلن أن ليس لديه مانع في ذلك!!
وموافقة ثانية على لقاء القوى المدنية التي تسعى لتطبيق شعار “لاللحرب” من خلال حراكها المتواصل والمُثمر هذه الأيام، والذي أينعت الجهود فيه بإنضمام عدد من دعاة الحرب تحت مظلة المطالبة بالسلام!!
وبالموافقتين يفتح مناوي بابا أُغلق حديثا وهذا موقف له تأثيره المباشر على إخماد نار الحرب إن تقدم نحوه بخطوات فعلية، فقد يكون تأثير مناوي في دعم خيار السلام أكثر من تأثير الكتائب الإسلامية ، ليس لوجوده على الأرض ولكن تعد قواته من القوات العسكرية التي يمكن أن يتم دمجها في المؤسسة، عكس البراء التي يصنفها المجتمع الدولي كميليشيا لن يكون لها موقعا لافي عملية الإصلاح ولا حتى في الدمج
وحتى المستنفرين يمكن أن يتم دمجهم ايضا في الجيش إلا أن الكتائب لايسمح لها بذلك لأنها تتبع للاسلاميين الذين سيتم الإصلاح في الإساس لأعطابهم التي عانت منها المؤسسة العسكرية!!
ولو يختلف عدد كبير على تصريحات مناوي في الحوار التي لم يلتزم فيها بالأدب السياسي وخرج عن النص في مقارعة خصومه، ولكن يظل الحديث عن إمكانية التحول في موقفه مهماً للغاية ، وسيغير النتيجة إن لعب في صفوف السلام او غير موقعة في مستطيل الحرب !!