طيف أول :
المنتظرون على أرصفة الطريق عودة قطارهم ، ومعهم الذين سقطوا في وحشية الوهم بحثا عن المصالح
ودونهم الذين يعلمون أنه وهما ويريدون أن يتبعون سرابه
اخشى عليهم أحيانا من ثقل المعرفة فالجهل خفيف على قلب صاحبه بيد أن المعرفة شاقة!!
ولاشك أن قرار مجلس الأمن الذي صدر أمس بتمديد العقوبات المفروضة على السودان بما في ذلك تجميد الأصول وحظر السفر وحظر الأسلحة حتى 12 سبتمبر 2025، هو واحد من القرارت التي تعمل لتضييق الخناق على الأطراف المتحاربة للحد من عملية إستمرار القتال ، وهو إستخدام للأدوات البديلة التي درج عليها مجلس الأمن لتقييد الأطراف في الفترة السابقة لعدم جلب وشراء السلاح ، ومنعها من إستخدام أرصدتها الخارجية الأمر الذي “شلٓ” حركة التقدم لكلا الطرفين على الأرض ووقفت عربة السيطرة والتمدد لأكثر من شهرين في تخوم ونقاط معينة، حيث لأحد إستطاع ان يحقق نصرا في ولاية او يستعيد مافقده من مناطق ومواقع ومدن
وبات جليا أن الميدان يعاني من أزمة مادية وعينية واضحة عند الطرفين الأمر الذي جعل الفوضى والضوضاء الإعلامية أكثر من الأخبار الرسمية عن سير العمليات!!
حتى أن القيادة العسكرية في الأيام الفائتة فشلت في تسويق حملتها الأخيرة خارجيا لإقناع بعض الحلفاء لدعمها عسكريا تحت مظلة ( المؤسسة الرسمية الشرعية المسئولة عن الدولة)، و فشلت ليس في ضمان الحصول على هذا اللقب او الحصول على الدعم، ولكن في إثبات ذلك على أرض الواقع وكأنما تعرضت الدول المتعاطفة معها “لحالة غش” إذ تبين لها أن القيادةالعسكرية تملك الشرعية فقط في خطابها السياسي، وفي شكل تمثيلها للدولة خارجيا ولكن حين قامت هذه الدول بعمل دراسة مسح على الأرض ولامست الواقع، لم تجد مؤسسة عسكرية في الميدان تستحق الدعم، أي أن القوات المتواجدة على الأرض هي عبارة عن مجموعات متفرقة، وجميعها تتبع للقوات المساعدة، ومعلوم من المهم جدا وجود الجيش على الأرض لأن الدعم يأتي بإسم القوات المسلحة وليست القوات الأخرى وقد يطرأ هنا سؤال :
لماذا لطالما أن الجميع يخوض حربا واحدة؟؟
لأن الدعم لم يأت لتحقيق النصر فقط في المعركة ولكنه بغرض ان تنتصر وتتقدم لقيادة البلاد مابعد الإنتصار فتقديم المساعدة للكتائب يعيد الفلول للسلطة وللقوات المشتركة يصعد قياداتها للسلطة، وهذا بالطبع مالاتريدة أيادي العون الخارجية
فالفريق البرهان خلال شهر او اكثر حصل على موافقات من ثلاثة دول للدعم العسكري السخي وقدم وعدا صريحا لهذه الدول، إنه وبالحصول عليه سيحسم المعركة لصالح الجيش وبسطت هذه الدول يدها التي كانت مغلولة منه لأكثر من عام ونصف وقدمت دعمها للمؤسسة العسكرية ماديا ولوجستيا
ولكن لأن لاوجود حقيقي لجيش حقيقي في الميدان لذلك لم يلعب هذا الدعم دورا في تغيير النتائج على الأرض وضاع الدعم هباء منثورا فإتمام إناء ناقص القليل يعطي نتيحة ملء كاملة وسريعة
ولكن إناء خالي يحتاج الي الكثير ،وهذا مايحتاج ايضا لجرأة وتكلفة أكثر، ويحول الأمر من عملية مساعدة الي تبني كامل للمعركة ومواجهة مباشرة وهو الشيء الذي لايمكن أن تقوم به أي دولة لأنه يعد واحدة من خطوات التهور التي تقودها الي هوة التورط
هذه الحقيقة هي التي جعلت المساعدات العسكرية التي تلقاها الجيش تنتهي بلانتائج واضحة على ارض المعركة!!
وفي هذه الزاوية كتبت قبل عشرة ايام أن قائد كتيبة البراء عندما خرج وقال أن ساعات تفصلهم عن الحسم قلنا أنه يبيع الوهم ، لأن ذلك لن يحدث بقياس الزمن لطالما أنه لايوازيه أي انجاز وتقدم بقياس الجغرافيا
إذن هل ضياع النتيجة سببه خدعة ثانية مارستها القيادة على حلفائها بالخارج بعد أن نفدت حيلها في ممارسة الخدع الداخلية على الشعب!!
وهل طلب الدعم الخارجي هو لتحقيق الإنتصار العسكري ام لأهداف أخرى قد تتمثل في طلب الحصول على الشرعية السياسية فقط!!
فحكومة البرهان تحتاج الي تصريح واحد من رئيس أي دولة يمنحها لقب الشرعية هذا يكفيها لمواصلة لعبة ( حرب السلطة) ناهيك عن تقديم دعم
سيما وأن إعلام الفلول بعظمة لسانه تحدث عن ظاهرة بيع السلاح وإسقاط ( الصناديق الفارغة) جوا في المناطق المحاصرة وهي ظاهرة جديدة تبنتها مافيا السلاح داخل ارض المعارك التي تقوم ببيع الأسلحة ولكن يبقى السؤال الأهم من المشترى!!
فإن كان المشتري الدعم السريع، فهذه هي لعبة الخديعة التي لم تخطر حتى على مخيلة دان براون ، عندها ستكون الحرب تحولت الي ( حرب الأطراف المتعددة ) ليست تلك التي يحارب فيها الجيش الدعم السريع بعدة قوات ولكنها تلك التي قد تجعل الدعم السريع يتشظى لمجموعات والقوات والكتائب تواجه بعضها!!