طيف أول :
إلى أحلامنا المتأخرة
اقتلي هذا الصمت .. او أيقظي مايناسبك من بوح الكلام
المهم..أقبلي لتهبي الوطن الخلاص
ومثلما وضع منبر جدة على صدر إتفاقه وكشف عن ملامحه في ثلاثة قضايا اساسية بعد وقف اطلاق النار ، والتي تهدف الي إعادة بناء جيش مهني بدمج كل القوات، بما فيها الدعم السريع وإبعاده من المشهد والعملية السياسية نهائيا ، وإستعادة الحكم المدني الديمقراطي وإبعاد جماعة الأخوان المسلمين ونظامهم وواجهاتهم
لاتمثل مباحثات جنيف سوى إلا القاعدة التي تضع الضمانات لتوقيع هذا الإتفاق، ففي جدة يمكن لكل واحد من طرفي الصراع أن ينسحب مما اتفق عليه مثلما سبق، في أي لحظة، وبين هدنة وأخرى، سيما إن وجد نفسه يحقق انتصارا على الأرض
وفي جدة ايضا يواجهه الطرفان مارتكباه من جرائم في الحرب تنتهي بالتوقيع على وقف اطلاق النار ومابعده
ولكن ان ذهب الطرفان الي سوسيرا سيواجه كل واحد منهما مارتكبه في الماضي والحاضر وقد يكون للاتفاق ماقبله
أي ان مباحثات سويسرا تعد هي النظرة الٱخيرة على دفتر العقاب وليس دفتر الجريمة كطاولة استثنائية تطرح مايترتب على الرفض عكس جدة التي تطرح مايترتب على القبول
ولايذهب المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيرييلو في حديثه لبرنامج “تنوير” بمنصة أكس بعيدا والذي قال فيه إن محادثات سويسرا ستختلف عن منبر جدة بوجود ( وسائل لضمان تنفيذ الإتفاق) وذلك بمشاركة دول الإمارات ومصر والاتحاد الإفريقي وإيغاد ليكونوا جزءاً من الإتفاق
وهذا يعني ان الولايات المتحدة الأمريكة حرصت على ان تطرح ماعندها من خيار ( قاسي) بشهود من الٱطراف التي كانت او مازالت ذات علاقة مع طرفي الصراع الأمر الذي ربما يجبر الجميع على الموافقة على اتفاق جدة تلافيا لماتحمله سويسرا من تبعات
وسيجد كل طرف انه مجبور ليس على قبول التفاوض ولكن على الإستمرار في العملية دون أن يمارس لعبة الخديعة
ولأن سويسرا هي بلسم المناعة ضد المرواغة وتحصين الإلتزام ، ومحاولة لتحقيق رغبة القبول التي يعمل العالم كله على أن يجعله نهائيا لارجعة فيه
لاتريد الأطراف مواجهة هذا المصير
وتمارس اسلوب الإختباء خلف واجهات الرفض المؤقت لأنها تعلم ان الرفض القاطع ليس في مصلحتها لطالما ان الوساطة مازالت تصر على دعوتها دون كلل
ولو أن أمريكا لاتريد ان تطرح نصا تقيديا على طاولة المباحثات بسويسرا لتمسكت بالدعوة لمنبر جده دون ان تحاول أن تبني تحته اساسا متينا يجنبه الإنهيار
وعن الإختلاف بين المنبرين ووجه الشبه يقول المبعوث انه و بالرغم من ان الدعم السريع دائماً ما يبدو جاهزاً لأي محادثات مطروحة لكن ذلك لا يعكس الإرادة السياسية، وإنما يتم قياسها بإتفاق واضح
فحتى إذا حققت الدعم السريع انتصارًا عسكريًا فهو ليس حلًا، لأن السودانيون لا يرغبون في أن يكون لها أي دور سياسي في البلاد في المستقبل.
وهنا يعكس بيرييلو على مرآة المشهد ان سويسيرا تحكي عن اتفاق جدة أي تقدمه بشرح تفصيلي أكثر يؤكد استحالة وجود الدعم السريع في المشهد السياسي وهذا ماتحدثت عنه جدة ببناء الجيش القومي الذي لن تكون له لاعلاقة بالسياسة
اذن ان خلاصة القول ان سويسرا تريد ان تقدم لمنصة التوقيع على اتفاق جدة طرفي الحرب بسلاسل وقيود العقاب التي تضمن لها سلامة التفاوض دون أن يكرر كل تطرف عبثيته في براحات السلام مثلما يمارسها على أرض المعارك.
طيف أخير :
علمت الزاوية أن رئيس القضاء شرع في تحركات وإجراءات لمواصلة محاكمة البشير والمطلوبين معه للعدالة الدولية داخليا ، لعرقلة تسليمهم وقطع الطريق على المدعي العام كريم خان.
وغمضُ العين عن شرّ ضلالٌ *** وغضّ الطرف عن جورٍ غباءُ