الكذبة الأولى مثل الطلقة الأولى كلاهما تجعلك تقالد عزلتك
لتصبح أسير هذا الكون الضيق الخام
لاتعرف معنى المتسع!!
وقبل اسبوعين تساءلنا هل ستدخل الحرب مربع الإغتيالات بعد أن تعددت مراكز القرار بسبب الخلاف، واصبحت ثمة تيارات مختلفة تعوث دمارا وفسادا في الأرض، وهل الإنشقاقات الإسلامية داخل المؤسسة العسكرية ستنتهج فيها القيادات نهجها القديم ، في مايتعلق بالجريمة الساسية على مسرح الاحداث لتنظيم دموي درج دائما لحسم جولاته السياسية بالعنف
ولكن ماتم بالأمس من محاولة إغتيال لقائد الجيش هل كانت فعلا محاولة لتصفيته!!
فالحركة الإسلامية ا لها باعها الطويل في التخطيط والتنفيذ، لمحاولات الإغتيالات، ولكن في ذات الوقت هي صاحبة الباع الأطول في إخراج المسرحيات الشبيهة بدقة لا متناهية
لذلك أن ماحدث بالأمس لايتعدى كونه مسرحية لمحاولة اغتيال خططتها الحركة الاسلامية واعدتها جيدا لكنها ارادت ان يكون إخراجها بهذه الطريقة بمعنى أن الغرض منها إستهداف مكان وحود البرهان وليس إغتياله وذلك بغرض الإبتزاز السياسي
فإن كانت تريد قتل البرهان لفعلت ذلك وقتلته على فراشه، ولكنها تمارس به لعبتها السياسية كورقة ضغط على المجتمع الدولي الذي عزلها في دعوته للمباحثات الأخيرة
فالتنظيم يعلم ان إغتيال البرهان لايحقق له ربحا وقد يكون خسارة له لان ليس له بديل في الجيش يجعله يتحكم قبضته على المؤسسة وفي قراراتها ،وفي ذات الوقت يمتلك الكارزيما العسكرية المطلوبة للمجتمع الدولي
فياسر العطا مثلا يمكن أن يكون البديل ولكنه شخصية محلية لا يتجاوز تأثيرها الحدود فلا احد يستطيع ان يلعب للحركة الإسلامية
الدور الذي يلعبه البرهان، ولهذا لايحقق إغتياله مكسبا في تغيير المسرح السياسي لا داخليا ولاخارجيا
لأن علة عدم التعاطي مع الحركة كوجود يكمن فيها، وليس في قيادة الجيش، فكل من يصعد بديلا للبرهان سينظر له المجتمع الدولي بذات العين التي ترى الجنرال إذن مصلحة الاسلاميين في حياة البرهان وليس في رحيله
ولأنها هي محاولة إستهداف مكان، لالإغتياله فالأول مرة لايوجد تقرير فني عن المسيرات التي ضربت مكان البرهان لانوعها ولاطرزاها وبقدرة قادر ( بلعتها الأرض)
فالمسرحية الهزيلة التي نُفذت هي محاولة (لا إغتيال) تريد بها الحركة الاسلامية إرسال رساله للمجتمع الدولي ان التنظيم هو الذي يسيطر على الأرض للحد الذي يمكنه ان يرسل مسيرات تستهدف قائد الجيش لكي تقبل امريكا بوجود الحكومة داخل قاعة المباحثات في سويسرا، ولهذا السبب قدمت خارجية السودان امس الأول إستفسارا للخارجية الأمريكية، بلماذا خاطبت امريكا في دعوتها البرهان بصفته قائدا للجيش وليس برئيس المجلس السيادي، فالصفة الاخيرة تضمن حق الحكومة الكيزانية في التفاوض والاولى تبعدها عنه، والفلول في قرارة نفسها تريد التفاوض وليس إيقافه لكن أن يأتي على طريقتها الخاصة
وقد يبارح السؤال ذهنية المتلقي للقفز هنا ، أن كيف لمسرحية تسمح بإزهاق خمسة ارواح بريئة من الضباط والمواطنين الأبرياء؟!
، ففي فقه الأدب العسكري مسموح بما يسمى خسارة ال (10٪) في اي عملية ترى المؤسسة العسكرية ضرورة تنفيذها لصالحها لا سيما في زمن الحرب، اما التنظيم فلايمانع في قتل ثلث الشعب لتحقيق هدف البقاء
فالجماعة تريد ان تقول إن المجتمع الدولي حصر التفاوض في ( طرفي الصراع) ونحن الطرف الآخر الذي لاتستطيعوا تجاوزه وأن ارض المعركة اصبحت بها عدة أطراف وجماعات ارهابية لاتستطيعون السيطرة عليها حتى ولو بموافقة قائد الجيش على التفاوض
والملاحظ ايضا ان الحكومة لم تتهم الدعم السريع مباشرة بإرسال المسيرات لإغتيال البرهان ، ولم تجتهد حتى في تقديم الأدلة والبراهين لإدانته وحتى مسيرات كوستي قالت انها مجهولة ولم تنسبها للدعم السريع وهذا يعني انها تقصد إيجاد طرف ثالث تريد أن توضح انه الأقوى لأن إدانة الدعم السريع تضاعف الإيمان بحرب ( طرفي الصراع) وهذا ما لاتريده هي، وتحاول أن تسميها اطراف
وقال البرهان انه لا تخيفه المسيرات
وهذا صحيح لانه يعلم انها ماجاءت لتقتله!!
فمنصته المنصوبة في العراء معدة قبل ثلاثه ساعات من وصوله لكنها لم تكن الهدف المقصود
ولكن مركب الغباء ان يجهل التنظيم الإخواني علم امريكا بكل خيوط اللعبة في بلاد نوافذها الإستخباراتية مفتوحة ومشرعة ومكشوفة ، والمطّلع على رد الخارجية الأمريكية على حادثة المسيرات يجده جاء (ببرود) إذ قالت ( نحن على علم بتقارير المسيرات ونرفض العنف) وحتى تؤكد أنها متمسكة بدعوتها ( على اي حال) قالت أنها تؤكد على اهمية وضرورة عقد المباحثات
وقد لاتتوقع الحركة الإسلامية نتائج ماقامت به و أن ما حاولت تصديره للعالم قد يكون هو الدافع الحقيقي لدخول قوات دولية إن رفص البرهان التفاوض
ألا تريد الحركة الاسلامية أن تؤكد ان الميدان فوضوي إرهابي منفلت فهذا أقوى مسوغ للتدخل الذي يأتي بصدد حسم هذه الفوضى وترتيبها!!
طيف أخير :
تغيير الخطاب العسكري للبرهان بأن لا تفاوض من الآن ولاحقا لن يكون له تأثير مستقبلا.. فالدعوة للمباحثات ومابعدها قد تكون مطلبا
رغبة الجنرال غير ضرورية لتحقيقه.
وغمضُ العين عن شرّ ضلالٌ *** وغضّ الطرف عن جورٍ غباءُ