إن أسوأ ما تمضي إليه هذه الحرب هو الاتجاه المتسارع الذي يمارسه طرفي النزاع لتحويلها إلى حرب إقليمية تكون أرضنا (الهاملة) مسرحها ودماء الشعب السوداني الذي لا حول ولا قوة له وقودها، بصناعة محاور مساندة لكل طرف، لتحقيق انتصارات على الطرف الآخر وحتى ولو كان الثمن المزيد من تدمير البنى التحتية التي تكاد تكون قد انتهت تماماً وتنفيذ سياسة (الأرض المحروقة) حتى لو احترق معها نصف الشعب الذي لا وجيع له بالضرب العشوائي (أرضاً وجواً) الذي يمارسه المساهمون في تلك المحاور على اعتبار إن إعادة إعمار تلك الأرض لا يقع على عاتقهم مستقبلاً، وهذه الدماء ليس دماء أهلهم أو شعوبهم، بل دماء هذا الشعب المستباح من قادتة، والإعمار سيقع على عاتق هذا الشعب الطيب مستقبلاً.
وفي ظل التقدم التكنلوجي والعالم الذي صار ك(قرية) صغيرة أصبح النفي والإثبات لا قيمة له، فالحقيقة أصبحت متاحة وإن حاول البعض إخفاء عين الشمس بالغربال، ومشاركة الطيران المصري والسلاح الإيراني في الحرب السودانية الدائرة لم يكن يحتاج لإثبات من (حميدتي) أو غيره، ولا يمكن لمصر أن تدفن رأسها في الرمال وجسدها كله بالخارج كالنعامة، والمجتمع الدولي يعلم وحتى القوى المدنية (تقدم) التي تحاول أن تحتفظ بشعرة معاوية مع القيادة المصرية تعلم، وفي ذات الوقت لا يمكن إنكار دعم دولة الإمارات للدعم السريع رغم أن هناك فرق بين المشاركة (الفعلية) المباشرة بالطائرات وقيادتها في العمليات القتالية، وبين الدعم اللوجستي والإمداد بالسلاح والمعدات وإن كان كلاهما مرفوض ويساهم في عملية إستمرار الحرب، وبالتالي معاناة هذا الشعب المسكين.
وفي ذات الوقت يحاول كل طرف من طرفي الحرب الإيحاء للبسطاء والمغيبين عن الحقيقية (المستقبلية) المرة بأن انتصاره في هذه الحرب العبثية والتي تزداد اتساعاً كل يوم، هو نهاية هذا الكابوس المريع الذي يعيشه وعودة الديمقراطية والرفاهية والأمان للوطن تحت راية شعاراته الجميلة التي يرفعها متجاهلاً تماماً إن إعادة إعمار ما تسبب فيه من موت ودمار من أجل أطماعه بالجلوس على قمة السلطة سيدفع البسطاء ثمنه غالياً (مستقبلاً) والبناء أصعب ألف مرة من التدمير.
هذه الحرب ستنتهي يوماً حتماً، فلا توجد حرب إستمرت إلى ما لا نهاية، والتاريخ وحده والمواقف الشجاعة والوطنية الحقيقية، هي وحدها التي تبقى وسيعود هذا الشعب الصابر إلى صحوته ويخرج من خلف الركام ويرتقي ويعيد بناء الوطن على راية الحرية والسلام والعدالة، التي لن تسقط أبدا، ولكنه أبداً لن يغفر لكل من أشعل هذه الحرب أو ساهم في تدمير أرضه..
وسيدفع كلا الطرفين ثمن هذا الدمار غالياً باذن الله.
تحية من العصب
التحية والتقدير لأبطال صقور الجديان (منتخب الصمود) الذين يزرعون الفرحة في قلوبنا وسط هذه المعاناة التي نعيشها ونلفت نظر (الكوز) والمدرب الفاشل هيثم مصطفى بعدم إقحام السياسة في الرياضة حتى لا يقتل فرح الناس بالانتصارات بتعليقاته السخيفة.
وراية الثورة ما زالت خفاقة..
والمحاسبة والقصاص قادم..
والرحمة والخلود للشهداء..