ما يحدث داخل نيابة بورتكوز العامة اليوم (مجزرة) بكل ما تعنيه الكلمة، كما حدث في بدايات إنقلاب الثلاثين من يونيو تماماً، إحالات للصالح العام ولجان محاسبة لكل من يتوشح بوشاح الصدق والأمانة والعدالة والوطنية، وتجريم وسوء ظن لكل من له علاقة بثورة ديسمبر، حتى فسدت بيئة العمل وأصبحت طاردة ومنفرة، وأصبحت العدالة لعبة في يد اللجنة الإنقلابية وأداة لتصفية الخصوم السياسيين والانتقام من المعارضين.
و إختيار الكوز الحاقد على الحكومة المدنية التي أحالته للصالح العام والشباب الذين اقتلعوا نظامه الفاسد (الفاتح طرطور) للتلاعب بالعدالة في هذه المرحلة السوداء من عمر الوطن لم يكن عبطا بتاريخه المعطون في الوحل، فهو الذي تولى عملية (طمس) الأدلة التي تدين عديد من المجرمين في عمليات الإبادة الجماعية التي ارتكبتها حكومة المخلوع في دارفور ليواصل ذلك الحقد على المدنية والديمقراطية ويتجاهل كافة الجرائم التي ترتكبها اللجنة الأمنية والدعم السريع معاً ويعمل على اعتقال (محامي) يقوم بأداء عمله في الدفاع عن موكل له بغض النظر عن ماهية ذلك الموكل، فالعدالة لا تتجزأ .. والعدل أساس الملك.
وطرطور هذا الذي أرسل أسرته إلى مصر، وأقام في جناح بآلاف الدولارات بفندق (البصيري) في بورتكوز ليتفرغ تماما للانتقام من الثورة والشباب، هو نموذج لما ستكون عليه العدالة والبطش إذا تمكنت المجموعة الإنقلابية الكيزانية التي تسعى بكافة السبل لإحكام قبضتها على السلطة، وكيف ستعيش البلاد بلا قانون أو عدالة لسنوات طويلة قادمة، وكيف أن النظام الكيزاني سيعود أكثر حقدا وبطشا، وما يحدث اليوم من تصفيات ومطاردات وأحكام جزافية بالإعدام سيكون لا يساوي شيئاً أمام ماهو قادم.
وإيماننا بضرورة عودة الديمقراطية والحكومة المدنية وإنهاء هذا الانقلاب وكافة توابعه من المليشيات التي في ظل النظام الإنقلابي، أو التي تمردت عليه، هو نظرة بعيدة لما ينتظر مستقبل شباب هذا الوطن إذا ما عادت السلطة العسكرية الديكتاتورية وأتباعها أو مجموعة الدعم السريع، والوعي والإدراك بذلك هو أساس بناء وطن خالي من البطش والإرهاب والانتقام.
والمغيبين الذين يدعون لاستمرار هذه الحرب العبثية ويقفون وراء إعادة الديكتاتورية العسكرية هم في الواقع لا يدركون ما ينتظر الشعب بعد ذلك.