التأريخ دائماً ما يعيد نفسه وهو يعيد وعد (بلفور) الذي منح الإسرائليين جزء من الأراضي الفلسطينية في مقابل أن يقاتل اليهود مع الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، هاهو يعود إلى الواجهة مرة أخرى بوعد (بلفوكوز) الذي يحاول أن يمنح مقاتلي (حماس) الفلسطينيين هذه المرة الوعد بالإستقرار على جزء من الأراضي السودانية لتكون نقطة إنطلاق لمعاركهم بمقابل قتالهم مع مجموعة برتكوز لدحر الدعم السريع، وهي القراءة الأولى لمقترح وافقت عليه اللجنة الأمنية بصورة مبدئية (لجس النبض) بخروج قادة حماس ومقاتليها إلى السودان، مقابل إنسحاب إسرائيل من غزة وهو المقترح الذي رشحت وهللت واحتفت به غرف الإعلام الكيزاني خلال الأيام الماضية.
وقد يكون المقترح الذي تضمن فك حظر أموال حماس وإعادة بث قناتها التلفزيونية ردة فعل لإستعداد المجتمع الدولي لنشر قوات حماية دولية لحماية المواطنيين، ورسالة بأن المجموعة (الإسلامية) التي تقبض على أعناق الدولة يمكن أن تحول البلاد إلى بؤرة انطلاق لحركات الإرهاب الإسلامية السياسية حول العالم، إذا ما واصل المجتمع الدولي الضغط عليها أكثر، وهي تعلم من تجربتي (رواندا والصومال) بأن التدخل الدولي يمكن أن يعيد الحكم الديمقراطي المدني للدول التي مزقتها الحروب والدكتاتوريات، ويحاول بذلك التهديد بصناعة محور دولي جديد، كما بشر بذلك عضو اللجنة الإنقلابية إبراهيم جابر قبل فترة لمواجهة ذلك الضغط الرامي لإعادة الديمقراطية والحكم المدني.
والمقترح المطروح ليس بالجديد على السودان، فقد تم تنفيذه قبل ذلك بنقل مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية (فتح) بقيادة الراحل ياسر عرفات وفتح معسكرات لهم جنوب شندي، بعد الإبادة التي كانوا يتعرضون لها من إسرائيل جنوب لبنان، وانتهى بعودتهم إلى فلسطين بعد اتفاقية (كامب ديفيد)، إلا إنه يختلف هذه المرة شكلاً ومضموناً مع مقاتلي حركة الجهاد الإسلامي (حماس) وكيزان السودان الذي يأتي بمخطط إيراني خبيث، يحاولون صناعة محور إسلامي لها يضم الحوثي وحزب الله، بالإضافة للشباب الصومالي وبوكوحرام، وإضافة إلى بعض الأحزاب والجماعات الإسلامية بالمنطقة عربياً وأفريقياً ينطلق من أرض السودان، الأمر الذي يبشر فعلاً إلى إستمرار هذه الحرب بالسودان لعشرات السنين، كما يبشر ياسر العطا في كافة خطبه.
الإسراع بدخول القوات الأممية لحماية الشعب السوداني هو الطريق الوحيد الذي يمكن أن يقطع الطريق أمام التمدد الإيراني ورعايته للحركات والأحزاب الإسلامية السياسية بالمنطقة ومحاولته توسيع الفكر الشيعي الذي يعتبر الخطر الأكبر على الإسلام في هذه المرحلة الحساسة التي يمر بها كل العالم، أو كما قال أحد المفكرين الإسلاميين بأنه “لو كان المسيح الدجال هو (رمز) فإن إيران تمثل معالمه وهي تقود العالم الإسلامي إلى معتقدات بعيدة كل البعد عن الرسالة الإسلامية السامية النبيلة وتمثل خطراً على الإسلام أكثر من الغرب”، .. ويبدو أن حكومة برتوكوز تنقاد اليوم خلف مخططات (الشيعة) وهو أمر ليس بعيداً عليها، فهي يمكن أن تنقاد للشيطان نفسه في سبيل الاستمرار في الحكم والجاه والثروة والسلطة.
والثورة أبداً لن تتوقف..
والقصاص آت لا محالة..
والرحمة والخلود للشهداء..
الجريدة