سلط معهد (DW) الألماني للشؤون الدولية والأمنية الضوء على الحرب في السودان. وقال إن منظمات حقوقية أفادت بوقوع “جرائم حرب ومذابح وعمليات نزوح جماعية” خلال الصراع الممتد منذ ثمانية أشهر في السودان. وأشار إلى أن الصراع أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية ما أثار تساؤلات بين المراقبين بشأن مصير السودان وما إن كان منحصرًا بين أن يصبح دولة فاشلة أو مقسمة – حسب المعهد.
قال المعهد الألماني إن كلا الطرفين المتصارعين في السودان –مع التفاوت في العتاد العسكري– متساويان نسبيًا من حيث القدرة
وأشار المعهد الألماني في تقرير نشره الجمعة إلى إنهاء مجلس الأمن الدولي قبل أيام مهام بعثة الأمم المتحدة السياسية (اليونيتامس) في البلاد بناءً على طلب الحكومة السودانية التي قالت إن البعثة الأممية “فشلت في تلبية التوقعات”. كما أشار التقرير إلى إنشاء بعثة “اليونيتامس” في العام 2020 لدعم انتقال السودان نحو الديمقراطية بعد أن نجحت الاحتجاجات السلمية في إنهاء حكم عمر البشير، بيد أن “مسار السودان لم يكن صوب الديمقراطية، وإنما صوب المزيد من الاضطرابات وأعمال العنف” – أضاف التقرير
ومنذ أبريل/نيسان الماضي، انزلق السودان إلى صراع سياسي وعسكري بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان من جهة وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي).
ويقدر التقرير الألماني تعداد الجيش السوداني بنحو (200) ألف عنصر، فيما يقدر عدد قوات الدعم السريع بما بين (70) ألف إلى (100) ألف فرد، لكنها “على النقيض من الجيش تعمل على غرار جماعات حرب عصابات” – وفق التقرير الألماني.
وفيما يتعلق بالعتاد العسكري، قال التقرير إن الجيش السوداني يمتلك الكثير من المعدات العسكرية مثل الدبابات والمروحيات وقوات جوية، لكنه “غير بارع في القتال مقارنة بقوات الدعم السريع”. وأضاف التقرير: “رغم التفاوت في العتاد العسكري، كلا الطرفين متساويان نسبيًا من حيث القدرة، وهو الأمر الذي نجم عنه عدم تمكن أي طرف من تحقيق انتصار” في سيناريو وصفه المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية بـ”الجمود الإستراتيجي”.
ويعزو الخبراء –حسب التقرير الألماني– حالة التساوي في القوة بين الطرفين إلى جذور تكونهما في الأساس، إذ أنشأ الرئيس المخلوع البشير قوات الدعم السريع عام 2013 لتكون قوة موازية للجيش من أجل ضمان عدم تعزيز قوة الجيش بقدر يمهد الطريق أمام الانقلاب ضد حكمه.
وعدت الباحثة في المعهد الألماني للدراسات العالمية والمناطقية (GIGA) هاجر علي الوضع الحالي في السودان بأنه “غير مسبوق”.
وفي مقابلة مع (DW)، أضافت هاجر: “هناك منظمتان عسكريتان متطابقتان إلى حد ما، لكنهما تفتقران إلى واجهة أو كيان ينخرط في مفاوضات. فعندما يتعلق الأمر ببناء السلام والانخراط في مفاوضات، لا توجد قواعد تنظم اللعبة السياسية في هذا الحالة”.
وكان الموقع “أكليد” الأمريكي قد ذكر في إحصائيات جديدة مطلع هذا الشهر أن (12,190) ألف شخص قتلوا في صفوف المدنيين في حرب السودان المستمرة بين الجيش والدعم السريع منذ سبعة أشهر.
ومع تقدم الوقت يصبح من الصعب التكهن بما إن كان الاتفاق على وقف إطلاق النار سيكون سهلًا لا سيما بعد انهيار الجولة الأخيرة من المفاوضات في منبر جدة بالسعودية مطلع الشهر الحالي، نتيجة خلافات بشأن نشر نقاط تفتيش والانسحاب من المواقع المدنية وعدم تنفيذ إجراءات بناء الثقة المتفق عليها سابقًا.
ويشعر المدنيون المنخرطون سياسيًا ودبلوماسيًا في جهود إنهاء الحرب في السودان مع المجتمع الدولي بخيبة أمل من غياب الأدوات الحقيقية لدى الفاعلين الدوليين للضغط على الطرفين.
وقال محمد الفكي العضو السابق في مجلس السيادة الانتقالي السوداني في تصريحات سابقة لـ”الترا سودان” إن الضغوط يجب ألا تتوقف لدفع الطرفين المتصارعين في السودان إلى طاولة المفاوضات في منبر جدة وإيقاف الحرب، لافتًا إلى أن السودانيون يأملون في العودة إلى منازلهم لبدء حياتهم “من الصفر” – حسب قوله.
المصدر: الترا سودان