تناقلت وسائط التواصل الإجتماعي في الأيام القليلة الماضية مقال لإحدى الصحفيات كشفت فيه عن مطالبة قادة الحركات المسلحة والمجموعات الأخرى التي تقاتل بجانب الجيش بنسبة محددة من السلطة والعتاد العسكري بجانب المبلغ الذي تحصلوا عليه وهو ٧٥ مليون دولار. وفور ظهور ذلك المقال حتى أرغت وأزبدت قادة حركات الإرتزاق المرتمين في حضن النظام البائد ولاعقي بوت الجلاد بالنفي والتهديد بالذهاب للقانون وظهرت المقالات من هنا وهناك وكلها كذباً ونفاقاً وإفكاً مبيناً
فالكل يعلم أن هذه المجموعات المرتزقة قد أخذت أموال طائلة من خزينة الدولة نظير وقوفهم مع الجيش الذي فشل قادته وكعادتهم إنهزموا أمام من صنعوهم بأيديهم وبأفكارهم وأموالهم وهزيمة الجيش ليس بجديد فطيلة سنين القتال في دارفور ظل الجيش يتجرع الهزيمة تلو الأخرى في معاركه مع حركات الكفاح المسلح وهم يعلمون ذلك تماماً .مما دعاها للتفكير في إنشاء قوة رديفة تقاتل بجانبها ثم إنابة عنها. حيث كانت قوات الدعم السريع تقاتل قوى الكفاح المسلح في دارفور وجبال النوبة إنابةً عن الجيش الذي تحول قادته إلي تجار المخدرات ورؤساء مجالس إدارات البنوك والشركات ومدراء لشركات النقل والترحيل التي لا تدفع لخزينة الدولة مليماً واحداً ( شركة الساطع ) نموذجاً بل لجأ البعض الآخر من الضباط إلي التوظيف في السفارات خارج البلاد وتركوا وظيفتهم التي كلفهم بها الدستور وهرول جزء كبير منهم إلي الإنتداب في صفوف قوات الدعم السريع بغرض الإرتزاق في اليمن والسعودية لقتال اليمنيين العزل في قتال داخلي لا ناقة ولا جمل للسودانيين فيها. وبهذه الطريقة أفرغ الجيش من محتواه وأعتمدوا على الدعم السريع ليقاتل لهم الحركات المتمردة كما يسمونهم حتى إنقلب السحر على الساحر وتجرعوا مرارة ما صنعوا وفشلوا في هزيمته وهرب قائد الجيش البرهان خلسة إلي بورت سودان خائفاً يترقب بعد أن حاصره جنود الدعم السريع في البيدروم شهور عديدة ثم تبعه ضباطه الجبناء تاركين جندهم داخل القيادة العامة يتجرعوا الهزيمة تلو الأخرى. وما أن وصل قائد الجيش إلي بورت سودان حتى فكر وذلك منهج نخب المركز في التلاعب بأبناء الهامش ولذلك فكروا في الإستعانة بقوى المقاومة الثورية الذين كانوا في موقف الحياد وهو الموقف الصحيح للتوسط بين الفريقين المتحاربين .
ولكن لأن نخب المركز قد درسوا عقلية بعض قادة الحركات الذين وقعوا على إتفاقية جوبا لسلام السودان وأن همهم تركز في الحصول على السلطة والثروة فعرضوا عليهم القتال بالمقابل فسال لعابهم لتلك المبالغ التي عرضت عليهم وبالفعل إستلموا تلك المبالغ الضخمة نظير مشاركتهم فيما سميت زوراً وبهتاناً بمعركة الكرامة .
تهافت قادة تلك الحركات التي تحولت بين ليلةٍ وضحاها من قوى الكفاح المسلح إلي مرتزقة تقاتل من أجل المال والسلطة ليس إلا وفتحت المعسكرات للتجنيد بالترغيب تارة وبالترهيب تارة أخرى فزُجَ بأبناء الكنابي والعاملين في المشاريع الزراعية في القضارف والشباب العزل الذين هجروا قراهم إلي مناجم الذهب في الشمالية مناطق أبوحمد والعبيدية والمثلث وحلفا فأجبروا الكثير من الشباب للإلتحاق بمعسكرات التدريب وتم الغرور بالبعض الآخر وقبض قادة الحركات المرتزقة نظير ذلك المال والعتاد وإلا فاليخرجوا ويبينوا للشعب السوداني من أين لهم بتمويل تلك المعسكرات الكبيرة من المؤن والمهمات والعتاد والتسليح والآليات. وزجوا بهؤلاء الشباب الأعزل الذين تم تدريبهم في مدد زمنية لا تتجاوز الثلاث أشهر زجوا بهم في العمليات الحربية التي لم يدركوا كنهها فماتوا بالمئات وكثير من الأسر السودانية بعد وقف الحرب ستتفاجأ بعدم وجود أبناءهم الذين سقطوا في هذه الحروب بعد أن قبض قادة الحركات الثمن.
البكاء والعويل من بعض الأصوات النشاذ بأن مقال تلك الصحفية وراءه من هم يعملوا على تشويه سمعة المشتركة تلك هي المأجورة فهم يعلمون تماماً أن قادتهم إستلموا هذه المبالغ فجادوا بها على من يصفق لهم وحرموا الكثيرين منهم لكن الحقيقة التي لا يستطيع نفيها أولئك القادة الإنتهازيين النفعيين الذين باعوا دماء الشهداء ودموع الأرامل والأيتام بالمناصب والوزارات السيادية وتحولوا إلي مرتزقة قبل أن كانوا قادة للكفاح المسلح الذي يطالب بالعدل والمساواة بين أبناء الوطن وقاتلوا هذا الجيش الذي يدافعوا عنه لسنين عددا وقدموا في سبيل تغيير هذه المؤسسة العسكرية المختطفة آلاف الشهداء والجرحى والمفقودين وبعد سقوط نظام المؤتمر الوطني الجناح السياسي للنظام البائد ظلت مؤسسة الجيش كما هي ورأى جميع أبناء الشعب السوداني كيف تماطل قادة الجيش في تنفيذ بند الترتيبات الأمنية الذي ينص على إعادة هيكلة مؤسسات القوات النظامية التي يسيطر عليها فلول النظام البائد وأبناء الأقليات العرقية في السودان.. أصحاب الإمتيازات التاريخية.
سقط قادة هذه الحركات المسلحة الذين تحولوا إلى مرتزقة في نظر من كانوا ينتظرون منهم تأمين عودتهم إلي مناطقهم الأصلية للإستقرار والزراعة والعيش الكريم بدلاً عن بقائهم في معسكرات الذل والإهانة سقطوا هؤلاء في أول إمتحان لهم وتكشف أمرهم أنهم لم يكونوا يوماً من الأيام يعملون من أجلهم بل كانوا يلهثون وراء السلطة والثروة ولو على جماجم أشقائهم وأهلهم وأبناءهم فحولوا هذه الحركات إلي شركات تجارية للتكسب المالي والتوظيف..
نواصل