كشف الدكتور الهادي إدريس، رئيس حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي، وعضو تحالف “تأسيس السودان”، عن خطة طارئة لإجلاء أكثر من 100 ألف أسرة من مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، في خطوة وُصفت بأنها “السبيل الوحيد لحماية أرواح المدنيين”، في ظل احتدام المعارك والحصار الخانق المفروض على المدينة من قبل قوات الدعم السريع.
وفي مقابلة مع سودان تربيون، قال إدريس إنهم تمكنوا بالفعل من إجلاء ما يفوق 50 ألف أسرة إلى مناطق طويلة وكورما الواقعتين غرب الفاشر، مضيفًا أن هناك الآلاف ما زالوا عالقين في منطقة “شقرة” قرب مخيم زمزم. وأوضح أن قوات الحركة ترابط حاليًا على الطرق المؤدية إلى مناطق النزوح، حيث توفر الغذاء ومياه الشرب للنازحين، استعدادًا لاستقبال المزيد خلال الأيام المقبلة.
ووصف إدريس عملية الإجلاء المرتقبة بأنها “أكبر عملية من نوعها في تاريخ دارفور، من قلب مناطق الاشتباكات إلى مناطق آمنة”، مؤكدًا أن الإخلاء الكامل للسكان من المدينة أصبح خيارًا لا مفر منه، بعد فشل جهود وقف إطلاق النار، واستمرار الأطراف المتحاربة في استخدام المدنيين كدروع بشرية.
تأتي هذه التطورات مع تصاعد التوترات في شمال دارفور، خصوصًا بعد سيطرة قوات الدعم السريع على مخيم زمزم، الذي لا يبعد سوى 12 كيلومترًا عن الفاشر، وسط حشود ضخمة من المقاتلين تمهيدًا لما يبدو أنه هجوم شامل على المدينة التي تُعتبر آخر معاقل السلطة المركزية في إقليم دارفور.
ووجّه الدكتور الهادى إدريس انتقادات حادة لما أسماه بـ”الحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش”، متهمًا إياها بإفشال مقترحات وقف العدائيات داخل المدينة، مشيرًا إلى أن خيار إجلاء السكان هو الآن الحل الوحيد لحمايتهم من الحرب التي لا تبدي أي من الأطراف رغبة جادة في إنهائها.
كما أكد أن مناطق طويلة وكورما أكثر أمناً و المنظمات الدولية أبدت استعدادها لتقديم المساعدات الإنسانية حال وصول النازحين لتلك المناطق، معتبرًا أن البقاء في مدينة الفاشر أصبح خطرًا داهمًا، إذ لن تستطيع الإغاثة الوصول للمدنيين وسط المعارك المتصاعدة.
ونفى إدريس بشدة مشاركة قواته في أي هجمات على مخيم زمزم، مشددًا على أن دورهم يقتصر على إجلاء المدنيين وليس الانخراط في المعارك. وأوضح أن قوات المجلس الانتقالي تعمل ضمن تحالف “تأسيس السودان”، وتقف على بُعد 15 كيلومترًا من الفاشر، ولا تقترب من مناطق الاشتباكات.
وفي تطور لافت، أعلن إدريس قرب تشكيل حكومة جديدة من داخل السودان، تعمل على “تحقيق السلام وليس الحرب”، كاشفًا عن وصول وفد مقدمة من التحالف إلى البلاد لوضع اللمسات النهائية على هذه الحكومة. واتهم “سلطة بورتسودان” بحرمان المواطنين من الخدمات، واحتكار امتحانات الشهادة السودانية وتداول العملة، وسن قانون “الوجوه الغريبة”، معتبرًا أنها بذلك هي من قسّمت السودان فعليًا.
وختم إدريس مؤكدًا أن الحكومة الجديدة لن تتحمل أي مسؤولية قانونية أو سياسية عن جرائم الحرب، لأنها ليست طرفًا في النزاع الحالي، بل تسعى لإنهاء معاناة السودانيين عبر حلول واقعية تبدأ بإجلاء الأبرياء من مناطق الموت.