أقدم رئيس جنوب السودان سلفا كير على إقالة وزير الخارجية رمضان محمد بشكل مفاجئ، وعين بدلاً منه نائب الوزير موندي سيمايا كومبا، وفق ما أعلنت الإذاعة الرسمية مساء الأربعاء. ولم تقدم السلطات أي تفسير رسمي لهذه الخطوة التي جاءت في أعقاب خلاف دبلوماسي حاد مع الولايات المتحدة.
تعود جذور الأزمة إلى رفض جوبا السماح بدخول رجل كونغولي تم ترحيله من الولايات المتحدة. هذا الرفض دفع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى التهديد بإلغاء جميع التأشيرات الأمريكية الخاصة بمواطني جنوب السودان. وتحت هذا الضغط، رضخت الحكومة وأذنت بدخول الرجل إلى البلاد يوم الثلاثاء الماضي.
في سياق آخر، هزت الساحة السياسية تطورات جديدة داخل المعارضة، إذ أعلن فصيل من “الحركة الشعبية لتحرير السودان – في المعارضة” تعيين وزير السلام ستيفن بار كول قائماً بأعمال رئيس الحزب، بدلاً من ريك مشار، النائب الأول لرئيس الجمهورية الموضوع تحت الإقامة الجبرية منذ الشهر الماضي. وتأتي هذه الخطوة المثيرة للجدل وسط انقسام حاد داخل صفوف المعارضة، حيث يرى محللون أنها قد تمهد الطريق للرئيس كير لتعزيز سيطرته على الحكومة بإزاحة منافسه القديم.
وقال كول أبراهام نيون، أستاذ العلوم السياسية بجامعة جوبا: “الرئيس كير يسعى لتكوين حكومة متجانسة تدعمه بشكل كامل، مما يعزز شرعية الحكم من وجهة نظره”.
وكان ريك مشار قد اعتُقل بتهم تتعلق بمحاولة إثارة تمرد، وهي التهم التي ينفيها حزبه جملة وتفصيلاً. وتتهم الحكومة مشار بدعم “الجيش الأبيض”، وهي ميليشيا إثنية تورطت الشهر الماضي في اشتباكات مع الجيش الحكومي في بلدة الناصر شمال شرقي البلاد، ما أدى إلى تصاعد التوترات السياسية.
من جانبها، وصلت بعثة وساطة من الاتحاد الأفريقي إلى جوبا الأسبوع الماضي في محاولة لإنقاذ اتفاق السلام الموقع عام 2018، والذي أنهى حرباً أهلية دامية استمرت خمس سنوات وأودت بحياة مئات الآلاف، إلا أن هذه الجهود لم تحقق أي تقدم ملموس حتى الآن.
وفي تطور آخر، أصدرت سفارات فرنسا وألمانيا وهولندا والنرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بياناً مشتركاً يوم الخميس، دعت فيه إلى الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين. وجاء في البيان: “من الملح أن يفي قادة جنوب السودان بالتزاماتهم، وأن يثبتوا أن السلام يمثل أولويتهم القصوى”.
ورغم هذه الاضطرابات، أكد المتحدث باسم “الحركة الشعبية لتحرير السودان – في المعارضة”، لام بول جابرييل، أن الجناح العسكري للحزب لا يزال موالياً لريك مشار، وأنهم “ليسوا جزءاً من الخونة في جوبا”.
ويرى مراقبون أن الرئيس سلفا كير، البالغ من العمر 73 عاماً، يسعى بقوة لتثبيت سلطته، وسط تنامي الغضب داخل معسكره السياسي وتصاعد التكهنات حول ترتيبات خلافته المحتملة.