المفكر الدكتور سليمان صندل
حول الجمهورية الثانيةا
العقد الإجتماعى
فكرة العقد الاجتماعي التي وردت في الجمهورية الثانية، هي ذات الفكرة القديمة التي قال بها عدد من فلاسفة الغرب الذين قادوا عصر التنوير ونظروا للثورات الأوروبية، تحديداً الثورة الفرنسية، وعلى رأسهم جان جاك روسو، صاحب كتاب “العقد الاجتماعي”، بالرغم من اختلاف المنطلقات والتطور الثقافي والسياسي في بلادهم وبلادنا. هناك علاقة بين نظرية العقد الاجتماعي وموضوع السيادة الوطنية التي ظهرت عند ميلاد الدولة الحديثة ذات الحدود الطبيعية والسيادة، كما أُقِرَّت في اتفاقية وستفاليا عام 1648، وهي الاتفاقية التي جاءت بعد حرب الثلاثين عاماً التي نشبت في أوروبا، وانتهت بإقرار مبدأ السيادة الوطنية للدول.
ولكن السؤال هو: لمن السيادة؟ لقد أجابت فكرة العقد الاجتماعي على هذا السؤال المحوري. فالمفكرون والسياسيون والكتّاب الذين تناولوا فكرة السيادة، كل منهم تناولها من الزاوية التي يعتقد بها حسب قناعاته الفكرية التي ينطلق منها. السيادة، بحق، هي لله، والبشر هم الذين يمارسون السيادة بإرادتهم الحرة وهم مسؤولون عن أفعالهم ونتائجها. لذا، فإن السيادة للشعب ولا سلطة تعلو فوق سلطانه؛ يقرر كما يشاء على مبدأ الحرية.
إذًا، الشعب هو صاحب السيادة، وهذا يعني أن كل شخص لديه جزء من السيادة، أي أن سيادة دولة معينة موزعة بين جميع المواطنين. والسيادة، في جوهرها، تحمل معنى القيادة وأعلى سلطة في المكان المعني، أو السيد الذي يقرر، وهو السيد على الأرض والهواء. ولهذا جاءت فكرة العقد الاجتماعي لتفسر كيفية إيجاد سلطة تمارس الحكم نيابة عن الشعب. هذا العقد هو عقد تلقائي وغير مباشر يدخل فيه جميع المواطنين بحرية فيما بينهم وبين الحاكم. أي أن الجميع يتنازلون بجزء من سيادتهم للمصلحة العامة لكي يعيشوا في أمن وسلام. ولكن هذا العقد ليس مفتوحاً، بل قائماً على مبادئ الحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية. وبالتالي، عندما يفوض الشعب أي حاكم ويمكّنه من ممارسة السيادة نيابة عنه، فإنه يتم ذلك بشروط العقد الاجتماعي. وعندما يخلّ الحاكم بهذه الشروط، فإن من حق الشعب أن يثور ضده، سواء سلماً أو بالقوة، لانتزاع السيادة منه.